بسم الله الرحمن الرحيم
15-أكتوبر -2012
قرأت بحمد الله ومنه وكرمه الطبعة الرابعة والعشرون لرواية عزازيل المثيرة للجدل الصادرة عن دار الشروق لعام 2012 .. الجدل الذى اثارته الرواية جاء للعديد من الاسباب .. ولكن لتستمتع بالاسلوب الادبي للرواية عليك ان تقرأها بعيدا عن الاشكاليات والملاحظات التى تعرضت لها الرواية . وسأحاول بقدر الامكان سرد التلخيص دون المساس بنقاط تغير الاحداث في الرواية
الرواية مكتوبة في حوالى 450 صفحة من القطع الصغير مقسمة الى ثلاثين "فصلاً" او رِقاً ان صح التعبير .. تشعرك المقدمة التى كتبها زيدان بجدية ما ستقبل عليه .. وهنا اطلب منك ان تقرأ الرواية باعمالك لعقلك في ما يكتب .. هذه اصلا رسالة زيدان .. زيدان يدعو دائما لإعادة كتابة التاريخ بطريقة محايدة ونظرة ناقدة .. ستذهلك مثلا اراء زيدان عن صلاح الدين الأيوبي وابحث في الانترنت عن ارائه المثيرة دائما للجدل .. سيدهشك ما ستجده
يستغل زيدان مهنته كمحقق للوثائق في اقناعك بأن أحداث هذه الرواية حقيقية لأنه اطلع عليها في مخطوطات وجدت بجانب دير في حلب منذ عشر سنوات من تاريخ كتابته للمقدمة في 2004 .. وهذا من ضمن اسباب الجدل المثيرة التى تحاصر الرواية .. وربما ذكر زيدان ذلك متعمدا لافتعال هذه الحالة من الجدل
يكتب زيدان في بداية الرواية اهداء الى ابنته اية قائلا :(( الى آية تلك ابنتى ، آيتى، التى لم تُجعل للعالمين )) ثم يتبعها في الصفحة التالية حديث للرسول صلى الله عليه وسلم قائلاً: ((لكل امرئٍ شيطانه، حتى أنا، غير أن الله أعانني عليه فأسلم ..)) رواه البخاري بلفظ قريب .. ظني أنه أورد هذا الحديث حتى يقول ان علم الحديث ليس حكرا ً على رجال الدين وحدهم .. وهوا جدل آخر زجت الرواية نفسها به بسبب زيدان المشاكس لكل من معسكر المسلمين السلفيين .. ومعسكر النصارى (المسيحيين) ومعسكر القوميين ومعسكر الإخوان .. هو يحارب على كل الجبهات .. حسناً لن أدع الكاتب يؤثر على سردي لتلخيص الرواية
مقدمة زيدان مهمة .. وجذبت انتباهي شخصيا بالرغم من انى لا أحبذ ان اقرأ مقدمات الكتب او التراجم لأنها "تحرق " احداث الكتاب او الرواية .. لكن هذه المقدمة هي بمثابة المواثيق او الاغلال التى ستقيدك طيلة قراءتك للكتاب .. فلا تنخدع بها :) .. ما اعتقده ان هذه الرواية تحكي احداثا حقيقية حدثت في التاريخ القديم في القرن الرابع الميلادي .. وقد يكون استند فعلا على مخطوطات .. ولكنه لم يجد مخطوطات كتبها راهب يدعى هيبا .. خصوصا وانه لا يوجد راهب بهذا الاسم ولكنها حيلة يوسف زيدان ليروي لك احداث الرواية دون ان تتأثر بتضارب المصادر التاريخية .. واطنه نجح في ذلك تقول المقدمة :
" يضمُّ هذا الكتابُ الذى أَوْصيتُ أن يُنشر بعد وفاتى، ترجمةً أمينةً قَدْرَ المستطاع لمجموعة اللفائف التى اكتُشفتْ قبل عشر سنوات بالخرائب الأثرية الواقعة إلى جهة الشمال الغربى من مدينة حلب السورية ... وقد وصلتنا بما عليها من كتابات سُريانية قديمة في حالةٍ جيدةٍ، نادراً ما نجد مثيلاً لها، مع أنها كُتبت في النصف الأول من القرن الخامس الميلادى...محفوظة في صندوق خشبى، محكم الإغلاق، أودع فيه الراهبُ المصرىُّ الأصل هيبا مادوَّنه من سيرةٍ عجيبة وتأريخٍ غير مقصود لوقائع حياته القَلِقة، وتقلُّبات زمانه المضطرب.. "
بعد المقدمة تبدأ احداث الرواية .. في 27 سبتمبر 431 ميلاديا .. يمهد بذلك زيدان دون ان تدرك اركان الرواية .. كان هذا الزمان .. أما المكان فهو صومعة بأحد الأديرة بحلب .. والذى لا يقرأ هذه الرواية بالتركيز المطلوب سيتشتت ذهنه بين الأماكن التى تردد عليها هيبا .. فهو جاء من اسوان .. ثم ذهب الى اخميم بسوهاج ليدرس اللاهوت ( وهي في الاصل مسقط رأس زيدان ) ثم يذهب الى الاسكندرية ليلتقى بأوكتافيا الجميلة ويحدث بينهم ما يحدث .. ثم يشهد مصرع هيبا تيا .. ولهذا الحدث تأثير كبير في احداث الرواية .. ثم يذهب الى الاردن ثم الى حلب في سوريا .. وستستمتع مع وصف زيدان الممتع لترحال هيبا .. يحب زيدان وصف السفر ..وقد ظهر ذلك بروعة في روايته النبطي ..
يحب زيدان ايضا ان يكون بطل الرواية طبيبا .. يعتقد زيدان ان الطب مهنة سامية تؤثر في طريقة حياة وتفكير ممتهنيها .. كان النبطي مداويا وكذلك هيبا .. يستعرض زيدان بحرفية بعض الأمراض الشائعة وبعض مسميات للأعشاب ليظهر براعته في النبش في المخطوطات ..
أنا حقا لن أستطيع تلخيص هذه الرواية بالذات .. فهى عامرة بالأحداث والمفردات والأساليب .. يجب عليك حقا قراءتها .. وان لم تقرأ ليوسف زيدان قبلا .. فهذه الرواية مدخلا جيدا لعالمه .
No comments:
Post a Comment