Monday, December 31, 2012

يا رحيمي

بسم الله الرحمن الرحيم 


يارب .. أخشى الشكوى اليك .. لا جهلا  برحمتك وعفوك .. ولكن جهلاً بنفسي .. وما أستزيد باجترار الأسى الا قربا منك .. فكم حنوت على ضعيف .. وكم هديتني وأنا الكفيف .. اللهم لا تجعل للظالمين في حظا .. واسترني فيما تعلم ولا أعلمه .. أنت الرفيق ابتداءاً والغفور انتهاءاً وما بينهما لا تنتهي أحوال رحمتك .. كيف استعذب الحزن وقد عرفتك .. وكيف أقوى على الشكوى وقد لطفت بي .. وحدك يا خالقي تعرف ما أنوي .. وحدك يا بارئي تخفف عني ما لا أستطيع البوح به .. يا رحيمي .. اقصر لي حياتى ان كان في ذلك راحة .. وزد لي فيها ان كان بها خير .. الخير كله بيديك .. وليس لمثلي ولا لأحد حق الإعتراض عليك .. يا جلالا خفتت له الأضواء .. ونورا ملأ بسناه الأرض والسماء .. اقررت بفناء كل ما عليها .. ولكن ما حال من فنت روحه غربة عنك .. يا واصل المنقطعين مثلي .. صلني إليك .. اتضرع لك وأتوسل إليك .. يا سند كل ضعيف .. ويا نصرة كل مظلوم .. خفف سهدا يجافي عيني عن النوم .. وارزقني علما أقترب بيه اليك عن القوم .. كيف يصل من كان في علمك جهول .. او يرتقي من كان علمه بجهل يملأه الذهول .. فما شكوتي اليك الا شكاية من نفسي .. فكم من حظ الهوى بك أفنيت أنفاسي .. ولكني لا أجد طريقا للوصول إليك الا حبا .. ولا يمنع الوصول اليك الا شقاءً بغضا  .. نفوس وأنفاس تفنى .. عن رحمتك وغفرانك قد نسيوا حظهم .. فيارب يا خالقي ويا رحيمي هل من وصول الى سبيل .. هل من شفاء للغليل .. هل من هداية للبخيل .. يارب ارحمنا من حر ذلك اليوم ووفنا وعدك بالظليل .. فما ربح من لم يكن في حزب حبيبك الذي لم نوفه حقه الا بالقليل .. 

Saturday, December 29, 2012

ايام الجيش 4

بسم الله الرحمن الرحيم 
لمتابعة تسلسل الأحداث ومشاهدة الأجزاء السابقة 


يوم الخميس 20-1-2012  الساعة 7 بالليل 

جمعونا في أرض الطابور عشان المقدم عمرو هيدينا  تلقين .. التلقين ده المفروض  يديك ارشادات عسكرية .. بس الموضوع مبيبقاش  أكتر من انه وصلة  رغي غير ذات فائدة .. كلام كتير في عز البرد واحنا اليوم ده  بالذات خففنا هدومنا لما خرجنا الساعة 10 الصبح عشان شمس الضهر  بتبقى  حر  أوي .. بس مكناش  نعرف اننا  هنقعد في عز البرد على الأسفلت في مكان مفتوح .. الهوا جايلك من كل حتة .. ده مش هوا .. دي أسياخ حديد بتخش مبين مفاصلك وبتحاول تفكها عن بعض ... لما جه وقت صلاة العشا ادونا استراحة عشان الصلاة .. جمعنا  نفسنا في صفوف .. وانا قمت بالاقامة وبعدها قمت بدور المبلغ  عشان كنا كتير  جدا اليوم ده .. الله اعلم مين اللى كان عايز  يصلي ومين اللى كان عايز يقوم يفك رجله .. بعد الصلاة  رجعنا تاني  قعدنا مكانّا .. كل ده كنا مستنيين  نعرف هيبقى فيه بكرة زيارة ولا لا .. كان  ذل  بصراحة .. وانا كدة كدة مكنتش متوقع  هيبقى فيه زيارة يعني لاننا  كنا لسة جايين بقالنا يومين .. وفعلا طلع مفيش  زيارة  .. فركش ... العيال  كانت محبطة جدا .. بس انا كل همي  ساعتها  اني  أروح العنبر  عشان اتدفى  ببطانية مبتدفيش .. بس التعب كان بينسيك ان البطانية بتشوك .. وان اللى فوقيك بيشخر وهوا نايم .. وسط  الموضوع ده في  فصيلة من الكتيبة الأولى اتخانقت مع بعضها  وصوتها  علي .. ويا سلام  على فرحة المقدم عمر ده كأنه لقى لقية .. قعد بقى يستمتع بتعذيب المعتقلين الاسرائيلين اللى وقعوا في الأسر .. وقفهم انتباه .. عمل بينهم وبين بعض مسافة  عن طريق  انه يخليهم يفردو اديهم قدامهم فياخدو مسافة ويفردو ايدهم جنبهم فياخدو مسافة .. بعد كدة  قاللهم يقلعوا السترة ويقلعوا كل حاجة فوق  بحيث  ان  نصهم الفوقانى يبقى مكشوف .. وخلاهم يقلعوا الكابات .. ووقفهم انتباه .. وكمل كلامه عادي عشان يحرق  قلبهم بتجاهلهم .. بصراحة صعبوا عليا جدا .. الدنيا كانت برد أوي  واحنا لابسين .. ما بالك دول  بقى .. في  اخرالكلام كلنا  كنا بنخبط في  بعضنا  عشان عايزين ننام ..في الاخر حن علينا وقالنا انصراف ... بس فضل الناس المتكدرين واقفين مكانهم سيبناهم ومشينا .. رحنا العنبر غيرت هدومي ولبست الترنج ولبست  تحتيه  فانلة  ضرب النار الصوف  .. ان شالله اتحاكم  بس مش هسقع  تاني ابدا .. ولبست تحت فانلة ضرب النار توب قطن خفيف بأكمام .. كان في شبه اتفاق ما بينا  اننا منخليش  حاجة من اللبس الميري  تلمس جتتنا :D  وقد كان .. المهم وانا  بلبس جالنا واحد قالنا  على فكرة  بكرة فيه  زيارة ... اشاعة زي دي لو طلعت غلط الناس هتتحطم اكتر من ما هي متحطمة .. ولكن فعلا طلع  فيه زيارة .. انا كدة كدة مكنش فيه حد هيجيلي في الزيارة دي  .. فمكنتش عارف اعمل ايه ... المهم  نمت وقلت بكرة يحلها الحلال .

 تاني يوم الصبح كان الجمعة  21-1-2012 
 معملناش تمرينات ولا كان فيه طابور ولا حتى فطرنا .. رحنا مباشرة على أرض الطابور ... قعدنا ورا  بعض "القعدة العسكرية " وفضلنا مستنيين .. الناس كانت معاها شنط فيها هدومها الوسخة اللى هيبدلوها من اهاليهم .. انا مكنش معايا  حاجة لاني مكنش في حاجة لحقت اتوسخت ومكنش فيه حد هيجيلي .. ومكنتش عايز اخرج اصلا .. بس الناس كلها اقنعتني  اني لازم اخرج على الاقل  تشوف ناس تانية  غير اللى بتشوفها .. على الساعة 8 ونص كدة بدأوا يندهوا الأسماء وبدأت العيال  تسكت نفسها  ذاتيا  عشان تسمع .. وكانت كوميديا  لما مثلا يقول محمد عبدالرحمن علي واحد يقول  مينفعش  أحمد عبدالسلام أمين .. بغض النظر عن رأيك دلوقتى وانت بتقرا .. بس  بجد كانت مضحكة اوي  ساعتها .. بعد كدة بدأوا يندهوا بالأرقام العسكرية بتاعت مركز التدريب مش  بتاعت الكارنيه..  وكل ده مكنش في دماغي  انى  اطلع  بس  مع الوقت  ولما العيال كانت بتجري  فرحانة وهيا  خارجة كان بيبقى نفسي اخرج .. والعيال وهيا بتجري اصحابهم يقولولهم  انده اسمي  يا فلان .. كانو بيحسسوني اننا معتقلين ... المهم  بعد شوية جم في الاخر  قالوا  يلا  كلكوا  اخرجوا :)  .. خرجت  ولقيت  زحام  شديد اوي .. واستغربت ازاي المكان هنا جميل كدة وجوة  زي الزفت .. اغاني  شغالة .. والشمس اليوم ده كانت مختلفة ... فضلت امشي كدة شوية  شافني يوسف .. قدمني لأخوه .. قلتله  ياااه  انت اخو  يوسف .. قالى  لأ اخته :D  .. قدملي ساليزونات كان جايبها من لابوار .. أكلت واحدة .. كان نفسي اكل تاني  بس عشان الواحد بقى ميبقاش منظرو معفن ..قعدت معاهم  وبعد شوية استأذنت ... فضلت الف واتمشى وخلاص  .. كانت  حاجة وحشة اوي ان كل شوية واحد يكون قاعد مع اهله ويقلي  تعالى ويعزم عليا .. مبحبش انا الشعور بالشفقة ده ... عشان كدة مكنتش  عايز اخرج للزيارة ... وفي اللحظة دي سمعت اسمي بيتنده في الاذاعة .. وبعدها رقمي في مركز التدريب .. صدري  انقبض  من المفاجأة  وبقيت امشي  بدون وعي ناحية الصوت  زي الفراش اللى بيلف حوالين نور العامود .. مين يا ترى اللى نده على اسمي .. انا مش متوقع زيارة من حد .. ممكن يكون حد من اللى  خرجوا  قبلي  نده رقمي عشان اخرج ؟.. يمكن ..  بس  انا مقلتش لحد ينده رقمي  ومحدش قالي انه هينده اسمي !!.. اسئلة  كتيرة كانت بتدور في بالي .. لحد ما شفت  محمود  اخويا واقف قدامي  وبيضحك .. 

دورنا على مكان فاضي وقعدنا .. محمود كان جايب شوية  عصير وشوية  شيبسي وبسكويت  وكدة .. وانا كنت شبعان من الحاجات دي جوة .. اه جوة كانت جودتها رديئة بس  برضه كلها نواشف  برضو .. .. قالى  معلش  انى ملحقتش اجيبلك  حاجة .. وانا  بصراحة مكنش فارق معايا  انو يجيب  اكل ولا لا  فعلا  شوفته كانت كفاية .. وانت في الجيش  بتعرف  قيمة أهلك .. قعدت أسأل اخويا  عن الأحوال والدنيا وكدة بس .. اداني الموبايل  أكلم  ماما واطمن عليها .. شوية  وجه  معاد صلاة الجمعة ..  روحت ادور على مية .. المية ساعتها كانت  قاطعة  .. والحمامات كلها كانت مشغولة  عشان العساكر (اللى هما احنا)  كانت ما بتصدق  تلاقى  حمامات  نضيفة وفيها مية .. فالحمامات كلها كانت مشغولة والخزانات  خلصت .. لأن زي ما قلت  قبل كدة دهشور مكنش واصلها مواسير مية .. المية كانت بتيجي في عربيات مرة الصبح ومرة العصر .. والصولات كانوا طبعا بيخزنوا كفايتهم وزيادة كمان .. واحنا المية كانت باللى يلحق .. المهم لما ملقتش مية  خرجت برة واتيممت .. وكانوا فارشين حُصر عند الكانتين .. روحت وقعدت اسمع الخطبة ... كان فيه راجل من أهالي الزوار واقف بيخطب كان بيتكلم عن الصفات العشرة التى لابد ان تتوفر في المسلم .. كل الإخوان أكيد عارفين انا قصدي ايه :D .. الصوت مكنش مسموع للناس اللى ورا .. ومكنش فيه مكرفون ولا ميجا فون حتى .. مع ان على بعد خطوات منه كان فيه اذاعة بتنده على الناس من شوية .. الراجل خلص خطبته بسرعة وبعدها  صلينا .. بعد الصلاة  رجعت  قعدت مع اخويا  شوية .. وبعدها  اخويا  قالى الحق  بقى  خش لأن لو اتأخرت هياخدوك تلم زبالة .. المهم قلتله انى  عايز البنطلون ال "nike " بتاعي عشان بنطلون الترنج  بتاع الجيش  بتاعى اتقطع .. والبنطلون ده هيتعب اوي عشان يوصلي  بعد كدة ..

أخويا كان لسة في الخدمة برضو  ساعتها .. اخويا المفروض كان هيخلص جيشه 1- فبراير -2011 طبعا مكنش  حد يعرف  ان هيحصل  ثورة  ساعتها .. أخويا  أكبر مني ب 4 سنين .. ودخل الجيش على كبر بعد ما كان اتجوز وخلف .. دخل الجيش متأخر عشان كان واخد تأجيل حتى زوال السبب .. والسبب ان أبويا كان متوفي .. وبما إن أخويا الوسطانى مدخلش الجيش وخد إعفاء طبي عشان النظر .. فأخويا الكبير راح قدم  نفسه .. الراجل في القسم اداله معاد غلط فلما أخويا راح اتعمله حاجة اسمها تجنيد فوري .. وخد سنة زيادة .. السنة الزيادة في الجيش  بتبقى 45 يوم ... بس  بيبقوا 45 يوم تقااااال  اوي اوي .. ميعرفهمش الا اللى جربهم .. بس الحمد لله اخويا دخل سلاح امداد وتموين فدخل مركز تدريب قويسنا أو ما يطلق عليه "مركز تدريب  نانسي" .. اخويا وهو بيترحل جه هنا على مركز دهشور لأنه كان اتلحق دفاع جوي .. فهو اكتر واحد عارف  دهشور  كانت سيئة ازاي .. مع انه قعد فيها  يومين او تلات ايام .. بس  هو قعد في  حتة  وحشة  اوي  اوحش من اللى كنت فيها  بس المهم انو  بعد كدة  راح فرع شئون ظباط الدفاع الجوي  وقضى الجيش المراجيح التمام .. بس  بصراحة مكنش ينفع جيشه يبقى صعب .. ربنا بيدي كل واحد اللي  يناسبه ويناسب ظروفه ..

 المهم  أخدت الحاجة اللى اخويا كان جايبها معايا ..ورجعت ..  مكان  الزيارة كان بيبقى أعلى من مستوى بقية أرض مركز التدريب .. فلما بترجع .. بتنزل .. فبتحس  انك  داخل  الترب :D  .. لما بنبقى  راجعين من الزيارة بنتفتش عشان اللى جايب  حشيش وسجاير مستوردة وأكل بيتي وكدة .. بيعترضوا على الأكل البيتي قال ايه عشان ميحصلش تسمم جوة الكتيبة .. والسجاير المستوردة عشان يشغلوا السجاير المضروبة اللى جوة .. اتفاجئت ان العساكر اللى بتفتش بترمي للناس الحاجة ... نفس السيناريو الوسخ بتاع يوم الدخول .. فالناس  وقفت على جنب  تخلص  حاجتها .. انا مكنش معايا  حاجات كتير  فالعصاير والحاجات اللى كانت معايا  كلت اللى قدرت  عليه والباقى وزعته على اللى معايا وعديت من الأمن عادي .. حتى متفتشتش .. يعني واحد تخين وبنضارة وشكلي  برئ  فمكنتش محل شك .. رجعنا  الى أرض طابور الكتيبة .. بيعملوا جمع بعد الزيارة  عشان يشوفوا  ان محدش هرب وكدة .. بس بعد كدة عرفنا  ان الموضوع ده اي كلام .. يوم الجمعة بيبقى مريح .. والصولات بيبقوا مريحين .. فبالتالى احنا كمان بنبقى مريحين .. بنتجمع  بقى  ونتكلم  وبيبقى في وقت للي عايز يخيط واللى عايز يحلق دقنه واللى عايز يستحمى  .. وطبعا الحمامات  بتبقى  ولا موقف شبرا .. وخلص  يوم الجمعة الجميل .. يوم الزيارة .. يوم الاكل البيتي .. اليوم الجميل .. والمريّح .. والاسبوع اللى بعده هيحصل  فيه  حاجة  هتغير مسار حياتى ومسار حياة مصر نفسها .. هيحصل الثورة :) 



Saturday, December 22, 2012

اخر سطر

بسم  الله الرحمن الرحيم 

بقطرات عرق نجحت في الهروب من مسامه .. تسمر محدقاً تجاه الخيال الرمادي المؤطر على الحائط الذي لا يواجه غيره مؤخرا .. هذا الحائط المصاب بالبهاق من أثر الرطوبة  وبعلامات ورسوم من عالم اخر رسمها يوما ما .. فضولي صغير ما .. لم  يلاحظ في العتمة ان هذا الإطار كان مميزا بشريطة سوداء في ركنه الأعلى .. عجيب ما قد تنساه ذاكرة الانسان .. او ما يعتقد الانسان ان ذاكرته قد نسيته .. اعتدل في  جلسته واخذ نفسا عميقا مشبع بالغبار وبقايا التبغ من الليلة الفائتة .. محاولا الاعتماد على ركبتيه في النهوض .. جال في باله خاطر غريب .. تخلص منه بازاحة الورق المكور الذى اعترض  طريقه .. صارت  الشقة مؤخرا مليئة بتلك الكور الصغيرة المنتشرة في كل مكان كفقاقيع الصابون التى كان يلهو بها وهو صغير ..  في طريقه الى غرفته القديمة استرعاه انعاكس صورته في مرآة الحمام مفتوح الباب  .. عاد خطوة واحدة الى الوراء لم تنتظر يده اليسرى اوامر منه  لتتجه الى زر الاضاءة .. وتوقف يتأمل هيئته  المزرية التي صار عليها .. هاتان الحمالتان المعلقتان على كتفه والتى  تحمل على وهن "فانلة مصفرة "  .. وسرواله القصير ذو الاطار المطاطي المرتخي كان بلا شك سيكون قطعة قماش في مطبخ أمه في الايام الغابرة .. تحسس  ترهلات  بطنه التي لا تتناسب مطلقا مع ايام  مجده التى قضاها في صالة سيد البتانوني لألعاب القوى .. شد سرواله القصير الساقط ليتذكر ذلك العضو القابع في اسفل بطنه الذي لم يستخدمه مطلقا الا للتبول .. سند كفه الأيمن على حوض غسيل الوجه واقترب أكثر من المرآة ليتابع تبعثر شعر وجهه .. شعر وجهه الذي لم يكتب له الحياة اكثر من يومين عندما كان أبوه حياً .. اليوم صار شعر وجهه اشبه بحرائش البوص التى كان يقبع فيها والده بالساعات في انتظار ان يهتز غماز صنارته .. يتذكره وهو  يسحبها ببطئ شديد .. ويخلص السمكة التي تجاهد نفسها وتجاهده لتحصل على اخر نفس من الهواء .. ببراعة يسحب الصنارة المعقوفة من فمها .. ويمسكها بين يديه متأملا .. ثم  يرمي بها مرة اخرى في الماء .. ويكلمه دون ان ينظر اليه .. "ده سمك زفر .. أمك بتغلب فيه عشان تنضفه .. وبنخلص عليه يجي نص كيلو لمون وبرضو مبيحوقش " ثم ينظر اليه بنظرة ذات مغزى .." هو كدة السمك زي البني ادم فيه الزفر .. وفيه اللى متفرنج تحب تتفرج على من جماله .. والاتنين ملهمش عازة ..  مبيتاكلوش " .
اغمض عينيه وخرج من الحمام  باتجاه غرفته محاولا اسكات صداع رأسه بلفافة تبغ .. كان  يعرف تفصيل غرفته فلم تذهب يده هذه المرة لاضاءة النور .. ولكنها ذهبت عند طرف سريره ممسكة بعلبة معدنية مستطيلة  في حجم الكف اخرج منها ورقة بيضاء  صغيرة .. بعد ان انكسر مقبض الخزانة المجاورة  لسريره اصبح فتح درجها عن طريق امساك ذلك المسمار امراً بالغ الصعوبة .. ولكن على اية حال فالوصول الى علبة التبغ امر يستحق العناء .. خصوصا عندما ينتابه ذلك الألم  الذي يشبه شد خيط على رأسك باحكام باتجاه طولي  نزولا الى المنطقة ما بين  العينين .. كان يحفظ علبة التبغ في الدرج حتى لا يدخل الهواء الى علبة تبغه العزيزة .. حتى أنه لم يكن يفتح الدرج الا بمقدار ما يسمح لأصبعين بالمرور للعلبة  لإلتقاط مقدار محسوب من الوريقات البنية الإبرية الشكل .. يطوي الورقة البيضاء بيده اليسرى مشكلة تجويفا يتأهب لاحتواء أوراقه الإبرية العزيزة .. يضع فيها ما التقطه اصبعيه من الدرج السحري ثم يسارع لإغلاق الدرج بركبته .. يوزع التبغ على طول الورقة بالتساوي .. ثم يطوي الورقة البيضاء باحتراف مثنيا على نفسه بجملته التى اعتاداها " يا سلام عليك يا ابو الاشراف " يلعق طرفي الورقة بلسانه في شغف .. ثم يدق مؤخرتها مرتين ليتم التأكد من تكدس التبغ في اللفافة .. ثم يضعها في فمه .. يتناول علبة الثقاب ويختار بعشوائية اقرب عود عثر عليه اصبعه .. يضع العود بين العقلتين الوسطيين لاصبعيه السبابة والوسطى .. ثم يحركه بخفة على مشط العلبة الخشن .. يحدث العود شرارة غضب في بادئ الأمر اعتراضا على مصيره  المحتوم .. ثم تذعن رأسه لمصير الاحتراق .. تضئ الغرفة لحظيا بوهج اللهب .. تتحلق باطن يديه في حنو على العود المشتعل ويقرب رأسه من يديه كأنه سيقبلها .. ثم ما تلبث حتى تعتم الغرفة ثانية الا من نقطة حمرا متوهجة في فم أبو الأشراف .. نظر ناحية ضلفتي دولابه .. لم تظهر العتمة صورته وهو يستلم جائزته من ذلك الرجل الأصلع مرتدي النظارات .. لم يكن يرى جملة " شباب الغد يستأثرون بجوائز الدولة للرواية " لم يكن يراها .. ولكنه كان يحفظها عن ظهر قلب .. على الضلفة الأخرى  تذكر نفسه وهو يقول تلك الكلمات التي اختارها بعناية ليظهر مدى معرفته بمؤلفات تولستوي .. وتحت صورته مزهوا بنفسه اقتباس لنيتشة يظهر به مدى اهمية ان يحلق الكاتب بأفكاره في  سماء الأدب متحررا من القيود ..كان يعرف تماما في اعماق مخيلته المظلمة انه لم يقرأ لنيتشة أو تولستوي سوى ما تشدق به أمام مندوبة المجلة الفاتنة .. كان يعرف ذلك بنفس اليقين الذي يعرف به اين  لصقت  صفحتا مجلة الأدب اليوم .

خرج من غرفته متجها الى غرفة أبيه وأمه .. في يوم ما كانت تنقل محتويات هذه الغرفة بحرص .. وربما كانت صديقات أمه وأقاربها يرصون بمرح متعلقاتها .. ربما مشت أمه بدلال بينهم فضحكت صديقاتها ضحكات جعلت أبيه يتنحنح محذرا  من الغرفة المجاورة .. فتتحول الى ضحكات مكتومة فيما بينهن .. بدأ النور يتسلل من ضلفتي الشباك معلنة عن بدء يوم جديد على كل الخلق الا هو .. لم يستطع دخول الغرفة دون ان ينهي سيجارته .. لم يستطع يوما ما أن يشرب سيجارة أمام أوبيه حيين كانا ام ميتين .. أخذ أخر نفس من سيجارته كأنه يقبلها .. نفس طويل بلا انقطاع  حتى امتلأت رئتيه بذلك السخام الملعون كمان كان يصفه عند اخر نفس .. كيف نريد شيئا بشدة في بادئ الأمر وفي نهاية استمتاعنا به يتحول الى محض لعنة .. كان ايضا يوما ما ملاك صغير يضحك الجميع في وجهه ثم أصبح فجأة "ابن كلب مسخم" كما كان يصفه أباه في مشاجراته مع أمه .. هناك بجانب المرآة كان يقف في  تذلل متوسلا أباه أن يسمح له بالخروج مع منير أبو العز .. في مشهد اخر في اخر اليوم وفي نفس المكان كان يقف بملابس متسخة .. وكانت أمه تحول بينه وبين أبيه مدافعة عنه .. بجوار الدولاب كان يقف رافعا يديه في الهواء مواجها الحائط .. كان  يمضي الساعات سارحا في خطوط الدهان الزيتي .. هذه الشروخ هي جبال الهمالايا التى سمع عنها . وهذا الجزء من الطلاء الباهت هي بحيرة البجع التي يراها في مجلة عالم الحيوان .. يظل هكذا لا يعرف كم مضى من الوقت .. حتى تأخذه أمه خفية الى غرفته بعد أن تتأكد أن أباه قد استغرق في النوم .. تضعه في سريره مربتتة عليه ماسحة على وجهه وجسده متمتمة بايات قرآنية متفرقة تبدأ ب "الله الذي لا اله الا هو .."  وتنتهي ب "من الجنة والناس " .

اتجه الى المطبخ ليحتسي فنجان قهوته الصباحية .. دائما كان المطبخ عسلي اللون .. مكسو بالقيشاني الرخيص حتى منتصف حوائطه .. وفي أعالي السقف تتراكم ثلاثون عاما من مخلفات الدهون الشبيهة ببقايا العسل الأسود .. كان يستغرب تشابه تفاصيل مطبخ بيته مع دكان "عم سميحة الفرارجي " الذي قتله ابنه "علي وزة "في ليلة كئيبة محاولا سرقة الايراد اليومي ليدفع ديونه المستحقة لـ "حمادة سوكة " امبراطور الكيف في منطقتهم كما كان يدعوه "علي" .. عجبا كيف أصبح يتذكر تفاصيل صغيرة لا تهمه على الإطلاق .. لماذا أصبح فجأة يتذكر الأموات ؟ .. انتبه الى كنكة القهوة التي كانت تهدده بالفوران المباغت .. صب قهوته بحذر حتى يحافظ على "الوش " وهو ما نجح فيه أخيرا  بعد محاولات يائسة ..
دلف من المطبخ الى الرواق الصغير المفضي الى غرفة الاستقبال .. لم يشأ أن يجلس على الصالون .. ذلك الصالون التى اجتهدت أمه في كسوته بقماش الإبيسون "الغالي" تجديدا لأثاث البيت .. استعدادا لزفافه المنتظر .. حتى وان لم يرتبط بأي فتاة الا  ان أمه كانت دائما " عارفة مصلحته " بهذا الشأن .. ولم يمهلها القدر أن ترى الصالون ولا حتى أن تدرك أنها لأول مرة كانت مخطئة في معرفتها لمصلحة أي أحد على الإطلاق .

اتجه ناحية الصالة  وجلس على مائدة الطعام المستطيلة المغلفة بمفرش  بلاستيكي شفاف  يحمي بدوره  مفرشا اخر مزين بورود حمراء متكررة  في رتابة في طول المفرش  وعرضه ..
اصبحت ذكرى ابيه  وامه تباغته  كثيرا هذه الايام دون معرفة الاسباب .. ما الذي دفعه ان يخرج صندوق أمه المقدس ويلتقط منها وثيقة زواجها .. أهملت عيناه ديباجة طويلة ليرتكز نظره دون وعي على الاسم الذي كان مصدر كل بؤس وشقاء في حياته .. دسوقي محمد عبدالعزيز السلاموني  والاسم الذي طالما اطمأن في حضن صاحبه فاطنة علي عبدالسميع مغاوري .. ربما كان انقطاع وحي الكتابة الذي لازمه مؤخرا هو عقاب إلهي لنسيانه متعمدا هذه الذكريات .. كان يسخر دائما من لوحة موضوعة في مكتب رئيس التحرير موجها انتقاده اللاذع له قائلاً " دوام حال ايه اللى من المحال  يا عزيز أفندي .. ده انت راجل أنتيكة بطربوشك ده " يرد عليه عزيز أفندي بحسرة .. " أنا شعري اللى تحت الطربوش اللى مش عاجبك ده ما ابيضش غير بعد ما عرفت معنى الجملة اللى مش عاجباك دي يا سي أشرف " ثم يتبعها بجملته المعروفة لدى الجميع " حط نكش الفراخ بتاعك اللى انت فرحان بيه  على المكتب هنا ووريني عرض كتافك " كان عزيز أفندي يلتهم مقالة أشرف الجديدة بنهم بعد أن كان الأخير يخرج من مكتبه .. هذه ما قاله له "عبدالصبور الفراش" عندما التقط قلمه الرصاص من خلف أذنيه ليدون حساب مشاريب الاساتذة الكلمنجية .. كمان كان يصفهم .. وهذا  ما كان يدفع أشرف للعبث مع "أبو طربوش" دونما  قيود لأنه يعلم  مقداره عنده .. حسنا كان هذا في الماضي .. الان هو صعلوك مفلس مختبئ في شقة ابيه وأمه  مغلقة النوافذ .. متحسسا دفتر مذكراته الجلدي العتيق  ابتسم في حسرة قائلا : "عرفت قصدك ايه من غير ما شعري يبيض يا أبو طربوش "

في نفس اللحظة كان الملعم شوقي أبو طبل يجلس بجلبابه البلدي وعمته الشهيرة محكمة الربط تزين رأسه  مستمتعا بشمس التاسعة ..يضع قدمه اليمنى على اليسرى في شموخ  .. يهز الخاتم في يده اليمنى ليشمر الكم عن ساعده الأيمن  كلما مرت امامه صبية في عمر ابنته نرجس ذاهبة الى المدرسة .. حينما نظر كل أهل الحارة فجأة الى منزل المعلم شوقي إثر سماعهم لصوت عيار ناري قادم من شقة دسوقى أفندي في الدور الثاني .. بدفعة بسيطة من كتف المعلم شوقي أذعنت ضلفتا الباب .. فتوافد أهل الحارة وامتلأت بهم الصالة ودرجات السلم .. كلهم كانو ينظرون إلى الاستاذ أشرف السلاموني وقد خنق نفسه بخيط الصيد ..  وحفرة بارزة بقطر 9 ملم  في صورة معلقة على الحائط .. كرجل عليم بمجريات الأمور صرف المعلم شوقي أهل الحارة قائلا " يلا كل حي يروح لحاله .. مفيش حاجة للفرجة .. حارة بنت كلب متتلمش غير في المصايب " .

بعد عدة ساعات رحل رجال قلم البحث الجنائي .. نزل رجل ذو هيبة من عمارة المعلم شوقي  يجر ورائه العديد .. مشددا على " سيد العطار " انه لابد  له من أن يسرع ليسلم التقرير ل " محمد بيه رأفت"  في مكتبه دونما  تأخير .. 

في اليوم التالي نشرت صحيفة أخبار اليوم خبرا في الصفحة الأولى فوق إعلان سيارات الكاديلاك باقتضاب ..( لغز مقتل الأديب الشاب .. البقية ص 12 )  وفي صفحة 12 بعد خبر تحطم الطائرة الخاصة التى كانت تقل لاعبي فريق مانشستر يونايتد الانجليزي .. ظهر خبر انتحار اديب الشباب أشرف السلاموني ... الأديب الشاب آثر الانتحار على أن يعيش في بلد تحت الإحتلال الانجليزي الغاشم .


بعد  عدة أسابيع عاد أسم أشرف السلاموني للظهور مجددا  على صفحات الجرائد .. "حصريا نشر مذكرات أشرف السلاموني "

في غرفة ما.. في  بيت  ما .. في حارة ما.. كان ياسر التهامي ذو السادسة عشر ربيعا يقرأ تلك السطور " غضبٌ , كرهٌ , جرحٌ , أسفٌ , ندمٌ , وحدةٌ , حزنٌ , ألمٌ , هو كل ما تبقى لي منك " عندما باغته أبيه بفتح باب الغرفة ... انت لسة "يا مسخم يا ابن الكلب " بتضيع وقتك في الهباب اللى بتقراه ده .. طول ما الهانم مدلعاك كدة عمرك ما هتنفع يا ابن ال.. يا .. يا ... .. لم يعد يسمع شيئا تحت وسادته ..  (انتهت )




Sunday, December 16, 2012

الاسلام المجرد ليس هو الحل

بسم الله الرحمن الرحيم


البرازيل 
 الهدف : التخلص من الديون الدولية - التخلص من تحكمات البنك الدولي
           النتيحة : نجاح  باهر .. تقدم جعلها في الدول العشر الكبرى 

 ماليزيا 
 الهدف : تحويل الدولة من اقتصاد قائم على النظام الزراعي الى نظام قائم على النظام الصناعى  خاصة في مجال المنتجات الالكترونية
            النتيجة ... نجاح باهر .. نمو مستمر

 تركيا
الهدف : التخلص من الديون الدولية - تحرير  للاقتصاد - سوق  حرة مشتركة بحكم الموقع الجغرافي المتميز - الانضمام للاتحاد الاوروبي 
النتيجة : نجاح باهر - نمو مستمر - في الدول العشرين الكبرى 

مصر 
الهدف : الخلافة الاسلامية  واستاذية العالم 
النتيجة : فشل ملحوظ - عضو معتكف في العشرة الاواخر من رمضان 

Friday, December 14, 2012

غريب في بلاد مش غريبة

بسم  الله الرحمن الرحيم

11-11-2012


في سلم الطائرة 
من الطيارة أبها  كانت عاملة زي الفجوة اللى بتتكون بعد ما بتاخد بولة الجيلاتى او الايس كريم .. وهي مدينة حلوة برضو  زي الايس كريم .. بس بعد ما تاخد عليها .. بعض المعلومات الويكيبيدية  عن أبها هتقلك  انها  على ارتفاع 2100 متر .. يعني 2 كيلو فوق سطح البحر .. وده بيترب عليه ان كمية الأكسجين  هنا  قليلة  والضغط  منخفض وده بيخلى الحاجة  تاخد وقت كتير عشان تغلي لأن نقطة الغليان بتاعت المية بتختلف  باختلاف الضغط ... هيا عند  الضغط الجوي العادي بتبقى 100 درجة سليزيوس بس لما بيزيد الارتفاع  عن  سطح البحر بيقل الضغط الجوي  وبتقل  كتلة الهواء وبالتالى تقل  كثافته .. من الاخر  عشان  تسلق  بيضة ولا بطاطساية  هتاخد وقت اكتر شوية ...

فوق الجبال 
 نتيجة  برضو  ان  أبها منطقة جبلية .. فالطرق  هنا  مرتفعة أوي يعني  في  طرق  مجرد المشي فيها  بتنهج من كتر ما بتطلع .. ولما بتنزل بتحس  انك هتنكفي على وشك .. العربيات  بتعاني  عشان تطلع  المرتفعات دي كلها .. واغلب العربيات الفرامل بتاعتها  بتصفر من كتر استهلاكها .. بس المرتفعات في الحالة دي فيها ميزة عشان بتخلى العربيات تمشي بالراحة .. اخرهم هنا 80 مثلا  لانه مش  هيلحق  يجري بالعربية لأنه يا اما هيلاقى مطلع  جامد او منزل جامد مش هيلحق  يجري :D
 نتيجة تانية ان ابها منطقة جبلية .. فالبناء  هنا  غالي والأرض  برضو  غالية وبالتالى العقارات  غالية .. في  مصر  عشان نبني  عمارة عايزلك  بلدوزر يشيل حبة  طينة وتسحب  حبة مياه جوفية  وهب  تاني يوم تبني ... انما هنا بتحفر  في  صخر .. صخر  حقيقي .. يعني مش حبة رمل في وسطيهم صخر ... بتقعد كذا  يوم وتحفر بالدقاق النيوماتيك (الهوائي) وتنقل الصخر باللوري... موضوع متعب ومكلف  اوي ..

طعم البيوت
الغريب  هنا انهم مبيعملوش  بلكونات  .. تقريبا  عشان المجتمع منغلق فمبيحبوش يعملوا بلكونات  يقفوا فيها .. بس  الأغرب  انهم بيحطوا حديد على الشباببيك  حتى لو كانت في الدور الرابع ... الموضوع ده بيحسسني  انى في  سجن  .. تخيل  انك  تفتح الشباك الصبح  عشان  تشم  هوا الاكسجين فيه  قليل أصلا وبرضو متعرفش  تخرج  راسك برة الشباك .. البيوت  هنا  سجن  حقيقي .. بس سألت في الموضوع ده قالولي بيخافوا على العيال الصغيرة لا تقع  ..  بس الجميل  ان البيوت منظمة وكلها محددة الارتفاع  مفيش بيت بيزيد ارتفاعه على أربع  أدوار .. بس كل البيوت بيبقى حواليها  أسوار  مرتفعة اقل  سور فيهم بيبقى 3 متر .. البيوت  عاملة زي القلاع المحصنة .. محدش هنا يعرف  حاجة عن التاني .. انا محبش  انى اعيش  حياتى كدة .. انا  راجل  عشري  وبحب العشرة والاختلاط بالناس .. حياة العزلة  دي متناسبنيش ... اه الواحد هنا مرتاح من الموتسيكلات والتكاتك والأغاني الشعبي  والكلاب البلدي والشتايم العلني اللى في الشوارع في مصر .. بس  برضو اللمة والدوشة والهيصة دي بتحسسك بالألفة والأمان ... انا  كنت مخنوق  جدا من الموضوع ده .. بس انت متعرفش الدفء غير لما  تختبر البرودة ... مصر  بحلوها ومرها  مناسبة  ليا وانا مناسب  ليها .. مش عايز اعيش غريب في  بلاد كل الناس اللى فيها من بلاد  تانية .. وأهلها  مغيبين  مش  فارق معاهم حاجة .. مفيش  ثقافة مفيش  حضارة .. مفيش ود ومفيش عشرة .. مفيش حتى حد بيقول نكت وان  قلت  انت  نكتة محدش  هيفهمها .. محدش بيقول صباح الفل .. في ناس بتنبسط من الجتمعات اللى في حالها دي .. بس انا مش طول الوقت هعيش في منتجع صحي يعني .. مش  هتعرف  تقول   لهندي انت بتقلش  قلش  رخيص .. ومين  هيفهمك  لو قلتلو لا يا عم  فاكس الحوار ده ... 

أكل العيش .. من غير حرية .. ولا عدالة اجتماعية .. ولكن فيه كرامة انسانية
خلال  10 سنين  تقريبا  متغيرتش  اسعار السلع الاساسية على الاطلاق  زي الخبز والزيت والسكر والارز البسمتى الذى  يعد  سلعة اساسية  في  السعودية .. زاد  سعر الوجبات  السريعة  زيادة  طفيفة  جدا جدا  لا  تقارن بال 10 سنوات .. عندما اتحدث عن رفاهية السعوديين  يتبادر الى الذهن البيوت الفخمة والسيارات الفارهة وأكل بكميات كبيرة  يرمى في القمامة .. لكن الرفاهية عندى ان يعيش السعودي الفقير حياة كريمة .. هذا هو مقياس الرفاهية الحقيقى .. قوة اقتصاد الدولة  تعرف بمؤشرات من ضمنها   ثبات سعر السلع الاساسية على المدى الطويل .. احكام قبضتها على ممارسات البيع والشراء السوقية.. مع ضمان جعله سوق حر ..( بس الخدمات الاساسية مملوكة للعيلة المالكة ومن صادقهم من رجال الاعمال .. بس ده هيفرق ايه مع الشعب ؟) .. وثبات  سعر صرف عملتها أمام الدولار واليورو .. والأهم من ذلك رعايتها لمواطنيها  عبر منظومة ناجحة للضمان الاجتماعي .. وبالتأكيد أنهم يحسبون ليوم ينضب فيه  النفط حسابا  شديدا ويعدون لهذا اليوم العدة .. وإلا يبقوا ظلموا  نفسهم ظلما شديدا 

الأســــواق
نشاط الاسواق هنا غريب مريب .. لا  تفتح المحلات من الصباح الباكر  كما الحال في مصر ولكن انشطهم يفتح  في العاشرة  ومعظم الانشطة تفتح بعد الظهر .. والاغلب  يفتح  بعد العصر .. استغرب  كيف يكون اي  نشاط مربح في  ظل فترات الاغلاق الكثيرة التى  تقوم بها المحلات التجارية .. علما بأن نمط الحياة السعودي  عموما  نمط انعزالي فنادرا ما تجدا محلا تجاريا يفتح الى الساعة الحادية  عشرة  مساءاً .. لا توجد مقاهي الا فيما ندر .. والكافيتريات تعد على الأصابع .. بالطبع الأمر في  جدة والرياض أشمل وأوسع .. وديسكوهات المنطقة الشرقية معروفة ... لكن ما يحدث في ابها  يمكن تعميمه على  أغلب  مدن السعودية .. عدا الرياض وجدة .. فلقد ارتضى الحكام  ان تصبح الرياض وجدة بهذا النمط حيث أنها  معقل للعديد من الجاليات الأجنبية الأوروبية .. ولكن مهما وصل الحال  في الرياض وجدة فلن يصل الى الوضع كما الحال في دبي  مثلا .. فاخر ما يريده الحكام هنا  ان يكون لديهم دبي أخرى .. وهو فيما  يظهر يعانون ايما معاناة في محاولة الحفاظ على النمط المعيشي السعودي الذى طالما تميزوا به وحاولو  تصديره للعديد من الدول المجاورة .. ولكن ما يميز الأسواق هنا هي  وحدة النشاط  .. فمثلا تجد تجار الأسماك يتجمعون في منطقة واحدة  تخصم ومن شذ منهم فسيعاني  ضعف الاقبال .. وكذا  باقى النشاطات .. فحيثما  ذهبت  تجد صالون للحلاقة  يجاوره 4 او خمس  صالونات للحلاقة .. اذا وجدت  بقالة  كبرى تجد أمامها  في الجهة المقابلة بقالة  لا تقل  عنها حجما .. في هذه التجمعات ميزات وعيوب .. الميزة  هي التنافسية التى يستفيد منها المستهلك في المقام الأول .. أيضا  الحفاظ على  ثبات الأسعار  .. الشرطة هنا منتشرة في الاسواق  كما هي الحال في كل مكان .. 

في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها  اسمه 
المساجد  منتشرة في كل مكان .. تغلق  بعد كل صلاة .. لا تفتح طوال اليوم كحال المساجد في مصر ... تهتم الدولة بالمساجد .. وكلها  خاضعة لهيئة مختصة تمدها  بكل  ما يحتاجه المسجد من مؤذنين وأئمة ومصاحف وفرش وصيانة .. كل المساجد  بلا استثناء لديها سجاد جديد حتى يتبادر الى ذهنك انهم يغيرونه كل  سنة على اقل تقدير .. الاذان هنا غريب يفردون فيه التكبير لايثنونه كما الحال في  مصر  .. ولكن عرفت ان هذا موافقا للمذهب الحنبلي التى تسير عليه المملكة في أغلب تشريعاتها  .. ولكنى لم أسمع اذانا  عذبا  حتى الان  كالذى اسمعه في مصر .. المحلات  تغلق عند سماع الاذان وتفتح بعد انتهاء الصلاة ... يلتزم الأئمة بالأوقات التى في الساعة الرقمية بعكس الحال في مصر .. الغريب ان كل المساجد مزودة بمساند للظهر في الصف الأول  .. وافضل المساجد يمتلئ بصفين أو ثلاثة على احسن  تقدير.. والمصلين لا يهتمون بسد الفرج فيما بينهم .. المساجد غير مزخرفة  ولكن ربما  لانعزال الحجاز طوال قرون عن موجات التغير الفني والثقافي  عمدا وعرضا ..  ولكن الجهود المبذولة في توسعة الحرمين  الشريفين لا ينكرها الا جاحد .. ما يقلقني فقط هو ان الناس  صاروا يلتقطون الصور للكعبة ثم للساعة المكية في  برج "وقف  الملك عبدالعزيز".. هل ستصير الساعة معلما بديلا  لمكة دون الكعبة ؟

المواصلات 
مفيش هنا مواصلات  عامة على الاطلاق .. يا اما يبقى  عندك العربية يا اما تمشي .. التاكسيات هنا مش بتشتغل مشاوير قصيرة .. وهي في العموم غالية جدا مشوار ميتعداش 10 دقايق من المطار لوسط المدينة بيطلبوا فيه 60 ريال .. ده دفع المجتمع لتطبيق مبدأ ال carpooling  يعني  تشاور لأي عربية ماشية في الشارع  ولو رايح الحتة اللى انت رايحها  هيوصلك ... أغلبهم بياخد فلوس  حتى لو كان سعودي وراكب فورد اكسبلورر لا وممكن يطمع فيك  كمان  ويطلب اكتر .. مع ان البنزين هنا ببلاش تقريبا بالنسبة للسعوديين .. يعني لتر البنزين 91 أوكتان ب 45 هللة .. ولتر البنزين 95 أوكتان ب 65 هللة .. و ده طبيعي كدولة منتجة بس الدولة بتدعم اسعار المحروقات عموما 

خلال  10 سنين .. السعودية  متغيرتش باختلاف المدن واختلاف الزمن السعودية ثابتة ظاهريا .. بس  باطنيا  الأمراض المجتمعية  استشرت  أوي  .. والدعارة الرقمية  بقت  ظاهرة تدعو للحيرة

Monday, December 10, 2012

ضيعت مستقبل حياتي


بسم الله الرحمن الرحيم 

من أفضل ما غنت ريما خشيش مع فرقة سيد درويش ... للشاعر المشهور جدا جدا يونس القاضي .. والذي لن أورد أي معلومات عنه هنا لئلا ينتقص حقه بمطالعة سريعة 

نصائح :
  • الأغنية طويلة  نسبيا(14 دقيقة) لغير المستعدين لمثل هذه النوعية من الأغاني حيث تتشابك المقامات وتتصاعد الأدوار .. اذا لم تسمع هذا اللون قبلا .. فأدعوك لتدخل الى هذا العالم بهذا العمل الرائع .. وقد عملت ريما خشيش  جاهدة على دفع الملل عن السامعين .. 
  • يفضل ان تستخدم سماعات الأذن من أجل نتيجة أفضل 
  • يفضل ألا تكون مشغولا بالقراءة او بأي نشاط اخر من شأنه تبديد تركيز عن السماع 




الكلمات :


ضيعت مستقبل حياتى فى هواك … وازداد على اللوم وكتر البغددة

حتى العوازل قصدهم دايما جفاك … وانا ضعيف ما اقدرش احمل كل ده

ان كان جفاك يرضى علاك وانا ف حماك … عفو الحبيب ما يكونش أحسن من كده

علمتنى يا نور عيونى الامتثال … واحتار دليلى بين تيهك والجوى

كنت افتكر حبك يزودنى كمال … خيبت ظنى والهوى ما جاش سوا

تبقى سبب كل التعب وتزيد غضب … ده اللى انكتب فوق الجبين مالوش دوا


البستان

بسم الله الرحمن الرحيم 

مجموعة  قصصية من أروع ما يكون .. كتبها خبير بالنفس البشرية .. عالم بالكائنات الحيوانية .. دقيق الملاحظة لمملكة النبات الخفية .. متبحر في المفردات اللغوية الشرقية منها والغربية  .

محمد المخزنجي يصحبك الى متجر الأقمشة الخاص به .. يبهرك كل مرة بقطعة قماش مختلفة الملمس والغرض ، ولكنها تتفق في أنها منسوجة  بدقة ومهارة .. وعندما يتأكد من انبهارك ومدى رضاك عن بضاعته .. ينظر لك بوجهه الذى لا يخلو من مسحة انثوية تميزه وبسمة رائقة  ترتسم على وجهه بأريحية .. فيخرج لك اخر قطعة لديه .. قطعة يتأكد من أنها ستحوز غاية  رضاك .. انها البستان .. اخر جزء في الباراسيكلوجات  ومنها ارتضت باقى القصص لتمثلها في الاسم والمغزى .. فانت بحق تسرح في بستان كبير يحوى ستى ألوان القصص والحكي... فتجد نفسك طوعا  تعيد قراءة  مجموعته مرة أخرى ولكن هذه المرة بذهن يأبى الا ان يكون أكثر  صفاءاً .

تنقسم مجموعته الى 3 أقسام ( فيزيقيات) و (سيكولوجيات) و (باراسيكولوجيات) وحقا ستجد صعوبة كبيرة في  تفضيل اي من اعماله فهي لا تقارن ببعضها ولا باي اسلوب  قصصي اخر ...

حقا تستحق هذه المجموعة  جائزة أفضل مجموعة قصصية  عام 1991 .. وتستحق نجومي الخمس 

Thursday, December 6, 2012

ما أطيب - بشار زرقان

بسم الله الرحمن الرحيم 



ما أطيب ما بتنا معاً في بردي ... إذ لاصق خده اعتناقاً خدي
حتى رشحت من عرق وجنته ... لازال نصيبي منه ماء الورد

أهوى رشأً رُشيق القد حلي .. قد حكّمه الغرام و الوجد علي
ان قلت خذ الروح يقلي عجبا .. الروح عندنا فهات من عندك شي

ما بال وقاري فيك قد اصبح طيش ... والله لقد هزمت من صبري جيش
بالله متى يكون الوصل متى .. يا عيش محب تصليه يا عيش

قد راح رسولي وكما راح اتى .. بالله متى نقضتم العهد متى
ما ذا ظنى بكم .. ولا ذا أملى .. قد أدرك فيّ سؤله من شمت
* من أشعار ابن الفارض ... غناء بشار زرقان 

Tuesday, December 4, 2012

شهيق .. زفير

بسم الله الرحمن الرحيم 

تحسست أسفل بطنها إثر ألم حاد .. ولم تفلح في ايقاف السائل الذى يخرج منها .. دائما ما تحس باحراج شديد اثر خروجه .. صار الألم يتزايد في الفترة الأخير  ولم تكن هناك نية ليفي بوعوده في  أن يخف أو أن يرحل.

 شهيق .. زفير .. هؤلاء النصابين في مركز تأهيل الحوامل  لا يعرفون شيئا .. تباً للرجال .. هل جرب أحدهم أن يربط بطيخة على بطنه لخمسة أشهر .. هؤلاء الأوغاد وابتساماتهم الصفراء وأدراج نقودهم الممتلئة .. لمحت بعينيها  طبيبا  شابا حديث التعيين يقف  في طرف الردهة المنتهية ببابين أخضرين شاحبين كبيرين يفتحان في كلا الاتجاهين وليس  لهما مقابض .. عرفت ذلك من تحسسه كل فترة على السماعات التى يعلقها .. تنظر في الاتجاه الاخر وتجد ذراعين مزخرفتين بعروق نافرة يكسوهما الشعر الكثيف  تنتهي  بأصابع ضخمة تتحسس شاشة بلاستيكية  في اهتمام بالغ .. ليتني ما أهديته اياه في ذكرى زواجنا .. أه من تلك الذكرى .. ولكن كيف كنت سأتخلص من تعليقات أمه لي التى لا تأتي بخيرأبدا ًعندما أهداني تلك السلسة الجميلة؟ .

 شهيق زفير  .. شهيق  زفير .. صرخة لا إرادية فشلت يد متعبة في اسكاتها يد تعاطفت مع يد اخرى تسند أسفل ظهرها .. لم تصرف انتباهه عن تلك اللعبة السخيفة .. من الذى يستمتع برمي عصافير صغيرة على صناديق خشبية لنكسرها ونقتل الخنازير التى بداخلها .. وكيف أصبحت الخنازير فجأة تحب البيض .. وهل بيض تلك العصافيرالصغيرة كافٍ لإشباع هذه الخنازير .. ولم لا تبيض هذه الطيور بيضا اخر  غداً وتنسى الأمر برمته .. شهيق زفير ..

 شهيق .. زفير .. تأوه اخر جعل ممرضتين عابرتين تنظر اليها بازدراء وربما لمظت احداهن شفتاها غير مكترثة بما تعاني .. لمحت  من بعيد حركة فجائية عند الباب الزجاجي في مدخل البهو  الذي لا يصلح الا لفندق فخم   .. ولكنها تذكرت أن هذا البهو بالذات هو ما دفعها في المقام الأول لتحجز غرفة للولادة في هذه المستشفى واطلالة الغرفة البانورامية على تلك النافورة الجميلة حتما ستسعد وليدها المنتظر .. فجأة اندفع سرير يدفعه اثنين من المسعفين بينما انهمكت الممرضتان العدائيتان في تعليق كيس المحاليل والأخرى  ساعدتها في  توصيل  بعض الخراطيم في حلق ذلك المسكين المغرق بالدماء .. هب الطبيب الشاب في حماس ليساعد طبيب الطوارئ الذى بدا رابط الجأش  معلقا  نظره على جميلة تحاول التغلب على صعوبة الجري في كعبيها العاليين وتنورتها الضيقة القصيرة .. لفت انتباهه تلك الوشوم التى تظهر على أسفل ظهرها كلما  انحنت لالتقاط اغراضها أو أغراضاً مضرجة بالدماء والوحل .. لا يتطلب الأمر ذكاءا ليعرف انها للمصاب .. في حركة ذات مغزى امسك بذراعيها محاولا طمئنتها وترك الطبيب الشاب يلاحق الممرضات حتى وصلا الى اخر الردهة ... استفسر منها عن معلومات بسيطة مثل اسمه وعمره وهل يتعاطى انواعا من مخدرات سردها كخبير .. وكانت ترد  بايجاب  المذهولة.. محيطا هوا بذراعها الأيسر الموشوم هوا الاخر بصورة تنين يقبض حمامة بمخالبه ..

اثناء مرورهم عليها .. لم تستطيع ان تطيل النظر حين فاجأتها هذه المرة صرخة لم تعهدها قبلا  .. لم تكترث هذه المرة للحرج الذي  يرافقها او لأنهار السائل التى تفيض على الكرسي من تحتها.. او الانقباضات المتتابعة الشبيهة بأداة الحفر الهوائية المزعجة التى يستخدمها العمال في حيهم الجديد المنتقلين اليه حديثا ... سمعت أحدهم يأمر ممرضتين في حزم أنه قد حان الوقت .. لم تتبين صوته وان كان مألوفا .. كل ما كانت تفكر فيه الان هو ساحر ما  من العصور الوسطى يخرج من بين صفحات تلك المجموعة القصصية الشهيرة التى يتوسط غلافها صورة لشاب بنظارات دائرية يوجه اليها عصى خشبية سوداء ليتوقف بعدها ذلك الألم المهين .. وضعتها الممرضتان على الكرسي المتنقل ذو الظهر العالي والمسندين المنخفضين .. دافعاها الى المصعد الواسع المكسو بألواح مطلية بطبقة نحاسية توحي بالفخامة .. ولكن باغتتها للحظات  صورة العصافير الزرقاء التى تنقسم الى ثلاث لتقتل اخر خنزير فوق التلة .. فما كان من زوجها الا ان دس الهاتف النقال في جيبه في عجل واشاح عيناه الخجلتين في سقف المصعد ..

تدخل غرفتها ذات الزجاج البانورامي والمطلة على نافورة ضخمة .. لطالما أحبت المنظر .. ولكن ليس الان ..عندها  دخل طبيب شاب رياضي البنية منهمكا في ارتداء قفازاته .. فارجعت الممرضتان ظهر الكرسي الى الوراء ورفعتا بالتزامن مسندين صغيرين عند منتصف قدميها وربطتاهما فيهما  على عجل  .. وسط انزعاج من الزوج القى الطبيب نظرة سريعة .. وتمتم ببعض الاسماء اللاتينية ملحقا  اياها بجرعات تختلف في الكمية وتتشابه في وحدة الملي جرام ..  اعادت الممرضتان دفعها  لغرفة مجاورة في اخر الرواق لها بابين كبيرين بلا مقابض يفتح في كلا الاتجاهين ولكن هذه المرة كان لونه وردي مبهج متناغماً مع اللون الزهري المشبع بصور القطط الصغيرة الذي يؤطر كامل الرواق المؤدي لهذه الغرفة كانت هذه اخر صورة استطاعت ان تلتقطها عيناها المستسلمتين لتأثير المخدر .. رأت ينابيع دماء تنفجر من الارض .. نسوة يركضن في اتجاهات مختلفة .. تمسك هي ببطيخة كبيرة .. ثقيلة .. ولكنها ترى أمامها ظلا هائلا يتسع سواده على الأرض التى عجزت عن طيها بالسرعة الكافية .. التفتت  خلفها ووجدت مخالباً  كبيرة  تهبط عليها  بسرعة .. حينها احست بيد دافئة لا تخلو من بقايا عرَقٍ وأصابع ضخمة وشعر كثيف .. تقبض على يديها ..و تربت في حنان .. رفعت عينها  ورأت عينين تملؤهما القلق .. أحست باضطراب شفتيه حين قبّل وجنتها وفي حمد لله على السلامة التى همس بها .. رؤية الطبيب يضرب مؤخرة صغيرها أنساها ذلك الوجع الرهيب في رأسها .. عندما  سمعت صراخاً منزعجاً يطلب الرحمة .. ارتسمت ابتسامة متعبة على وجهها الشاحب .. ثبتت الممرضة  بحرفية الحبل السري بكلابة لتغلق طرفيه  وقصت ما بينهما  لتخلص هذا الصغير من أثاث بيت لازمه 9 أشهر .. وضعته على الميزان ونظرت الى الطبيب  فبادلها بنظرة اعتادت عليها ...لفته بقطعة قماش قطنية .. التى اندس بدورها في قطعة اخرى موشاة بصور لحيوانات بلون سماء الصيف في الساحل الشمالي.. قربته من صدرها فسكت  صراخه ..فتحسست رأسه الصغيرة واغرورقت عيناها .. اخذته الممرضة  وقطعت اسوارا أزرقا الى نصفين لفت أحدهما  حول معصمه .. واخر عند قدمه  الصغيرة ذات اللون الوردي الرقيق ... وضعته في  صندوق شفاف له فتحتين دائريتين  وخرجت به من الغرفة .. استمتعت بقلق زوجها حين قالت لها الممرضة الاخرى ... شهيق  زفير