Tuesday, November 29, 2016

في مملكة الحيوان.. الدماء ليست دائماً حمراء!



الموضوع السابع عشر المنشور لي في الهافنجتون بوست عربي







في مملكة الحيوان .. الدماء ليست دائماً حمراء


نتَأمّل الطبيعة، فتتسع أعينُنا اندهاشاً؛ نحن البشر لسنا السكّان الوحيدون لكوكب الأرض، ولكننا 

جزء ضئيل من مملكة الحيوان، تلك المملكة العامرة بالعجائب والمعجزات.



يعيش هذا الأُخطبوط في مياه القارة المتجمدة الجنوبية "أنتاركتيكا"، ولكي يتكيف مع الطبيعة القاسية ذات الحرارة المنخفضة للغاية، فإنّه يمتلك دماءاً زرقاء، كما يتضح عند أطراف مِجساتِه.

يوجد بضعة أنواع أخطبوط أخرى، تجري في عروقها دماء زرقاء، بدلاً من لون الدماء الأحمر الذي يجري في عروقنا. هذا اللون الأزرق يأتي من مادة "الهيموسيانين" وهي عبارة عن مركبات بروتين غنية بالنحاس، وهي كما -في الإنسان- تحمل الأُكسجين من الرئتين إلى مجرى الدم ومنه إلى خلايا أعضاءِ الأُخطبوط؛ بينما في دماء الإنسان يوجد "الهيموجلوبين" وهو بروتين غني بالحديد -المسئول عن حُمرة الدم- يشغل ما يقارب ال 96% من كريات الدم الحمراء.

ما يجعل الكائنات البحرية في القارة المتجمدة قادرة على العيش في درجات حرارة منخفضة جداً هو أن أجسادها تطورت، فصارت خلايا الدم تفرز كميات أكبرمن "الهيموسيانين" الأمر الذي يجعلها قادرة على تبادل الأكسجين ليصل إلى بقية أعضاء الجسد.



أما هذه السمكة الشفافة المعروفة باسم "سمكة الجليد" يكون دمُها شفافاً تماماً، دماء هذا النوع من الأسماك يحتوي على نوع مختلف من البروتين يُدعى الـ "جلايكوبروتين"وهو ما يعمل كمادة مضادة للتجمد! وهذا أمر شائع في الكائنات التي تعيش في أعماق القطب الجنوبي السحيقة، لكن الغريب في هذا النوع من الأسماء أيضاً أنها بلا قشور، حيث يعتقد أن جلدها يمتص الأكسجين مباشرة! وحسب ما قال "ميكاييل أولرمانعالم الأحياء البحرية في البيئات القطبية:"وهو أمر جيد لهذه الأسماك إذ أن نسبة الأكسجين المذاب في جزيئات الماء تزيد كلما اشتد برودته".

تحفل القارة المتجمّدة الجنوبية بالكثير من الأمثلة على الكائنات العجيبة والتي تقدم كل يوم لغزاً جديداً يسعى العلماء لاكتشافه. 




تُعدُّ السقنقوريات من أغرب السحالي على وجه الأرض، يُوجد منها 1275 نوع، بعضها ذو جسد طويل شبيه بالثعبان ولكن مع وجود طرفين قصيرين في المقدمة، والبعض الأخر ذو أطراف رباعية مكتملة ذا حراشِف، بعضها يبيض كعامة السحالي، وبعضها يلد! ولكن الأغرب على الإطلاق هو أن هذه السحالي ذات دماء خضراء برغم إحتوائها على الهيموجلوبين!

ظل هذا الأمر لغزاً يحير العلماء لفترة من الوقت، ولكن أمكن فهم الأمر بمقارنتها بطبيعة تكسير الدم في جسم الإنسان؛ فالكبد في جسم الإنسان يكسّر الدماء بغرض إعادة استخدامها مرة أخرى عبر إعادة إنتاج الهيموجلوبين.

ينتج عن عملية التكسير تلك مركب يدعى الـ"بيليفردين" وهذا المركب -مع عوامل أخرى- ما يعطي كدماتنا لونها الأخضر الذي يتلاشى تدريجياً مع الوقت، الـ"بيليفيردين" مركب شديد السميّة لذا يطرده جسم الإنسان أولاً بأول بعد تكسيرِه لمركباتٍ أُخرى تُطرد في عملية الإخراج. فقط في هذه السحالي يتراكم الـ"بيليفردين" ليطغى لونه الأخضر على لون الهيموجلوبين الأحمر.

يقول "كريستوفر أوستن" الذي يعكف على دراسة هذه السحالي:" إن كمية (البيليفردين) في دماء هذه السحالي إذا ما توافرت في الجسم البشري فسيكون ميتاً لا محالة". يأمل "أوستن" -من خلال دراسته لهذا النوع من السقنقوريات- أن يتوصل إلى علاج فعّال للملاريا. وقد كتب "ابن البيطار" عن مستخلصات طبية يتم الحصول عليها من السقنقور في كتابه "الجامع لمفردات  الأدوية والأغذية". 

نأمل أن تكون عزيزي القارئ قد استمتعت بالمشاهدة في هذه الرحلة القصيرة جداً من خلال نافذتنا المفتوحة على غرائب الكائنات الحية، هذه الكائنات التي تحوي دماؤها كل ألوان الطيف. 

بسرعة الطائرة وسعر تذكرة الباص.. هل سيصبح "الهايبرلووب" وسيلتنا للسفر عبر الزمن؟

الموضوع السادس عشر المنشور لي ف يالهافنجتون بوست (نُشر في 2016)





هل يكون "الهايبرلووب" المنتظر خطوة نحو السفر عبر الزمن؟
في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني المُنصرم أعلنت وكالات الأنباء عن توقيع مذكّرة تفاهم بين شركة هايبرلووب. ركّزت كل الأخبار على حقيقة أن القطار الجديد سوف يسير بسرعةٍ فائقةٍ وينقل الركّاب من دبي إلى "أبوظبي" في 12 دقيقة ومن دبي إلى الرياض في 48 دقيقة فقط! ولكن هل هذا كل ما في الأمر؟ هل يكون "الهايبرلووب" مجرّد قطار آخر سريع؟
دعونا نبدأ من هذا التساؤل؛ ماذا لو كان المستقبل هو الآن؟ ماذا لو أننا الآن نشهد أوان بدءِ المستقبل؛ ذلك الذي كنّا نراه في الأفلام ونظنّه مستحيلاً، أو محضُ خيالٍ عِلميّ؟
حتى مطلع القرن الثامن عشر كانت وسيلة التنقلات المنتشرة هي العربة التي تجرّها الخيول، كان التنقّل بالعربة التي تجرّها الأحصنة حلم يراود الكثيرين من المُرتحلين الحفاة، أو أولئك الماسافرون مَن قَصمت الدوابُّ ظهورهم على. كانت سرعة تلك العربة لا تتعدى 0.01% من سرعة الصوت. وبالطبع كانت تلك العربات تتوقف تماماً في أوقات المطر أو الرياح الشديدة، على أية حال كان هذا الجيل الأول من وسائل النقل الجماعي.

عاجلاً تطوّرت وسائل النقل الجماعي، أصبح لدينا القِطارات والطّائرات والسُفُن، حتى بلغنا اليوم قُرابة الـ 80% من سرعة الصوت وهي تتمثل في السرعة القصوى لطائرات البوينج (الجامبو) التي تُمَثّلُ بدورها الجيل الرابع من وسائل النقل الجماعي؛ إن كنت تجد صعوبة في تصديق ذلك الآن؛ فهي نفس الصعوبة التي ستجدها بنفسك إذا أردت أن تُقنع جدّك في بداية القرن التاسع عشر وهو يُحاول تخليص عجلات عربته من الوحل، بأنه غداً سيصبح هناك وسيلة تنقّل تطير في الجو وتنقل على الأقل مائتي وخمسون فرداً!
إلون ماسك ..الرائد



لا يكتمل الحديث عن الهايبرلووب قبل أن نتناول بالذكر هذا العبقريّ "إلون ماسك"؛ تعلّم إلون البرمجة بنفسه وخلال مراحل كثيرة من حياته أسس العديد من الأعمال والمشاريع التي كان يستغل دخلها في بدء مشاريع أُخرى، حتى لمع نجم إلون ماسك في العام 2002 حين اشترت منه ebay -عملاق التسوق الإلكتروني- موقعه Pay pal لخدمات نقل الأموال والتعاملات المالية، كعادته أخذ إلون مبلغ 1.5 بليون دولار من صفقة "إيباي" وأودعهما في مشروعه الثوري spaceX هذا المشروع كان يهتم في وقت مبكّر جدا بسياحة الفضاء، وكان الغرض الأساسي هو توفير رحلات صاروخية ذات تكلفة منخفضة نسبياً وذلك عن طريق إعادة استخدام الصاروخ أكثر من مرة، كما الحال في الطائرة، بدلاً من فقده في الفضاء الخارجي كما جرت العادة، بالطبع نجح إلون في تسويق فكرته لدى ناسا، التي أعطته تمويلاً ذو مبلغ ضخم لتتولى "سبيس إكس" رحلات تزويد المحطة الدولية الفضائية بالمُؤن بدلا عنها.

إستخدم "إلون" أموال العقد المُبرم مع ناسا ليُنشئ شركة TESLA لتصنيع السيّارات الكهربائية، والتي أصبحت اليوم على مشارف منافسة السيارات التقليدية ذات محرك الاحتراق الداخلي والمُعتمدة على الوقود الأُحفوري؛ بتطوير مستمر، وتصميمات ثورية جديدة أصبحت سيارات تسلا واقعاً ملموساً حيث تخطت مبيعات هذه السيّارة حاجز ال 14000 سيارة بعد مرور ثلاث أشهر فقط من العام الجاري بمبيعات تجاوزت الـ 45% عن العام السابق.

وفي عام 2015 أعلن "إلون" عن نقلة ثورية في عالم النقل الجماعي بإعلانه عن مشروع الـ"هايبرلووب" الذي أودعه لشركات متخصصة (وفِرق تصميم تتنافس فيما بينها) تتولى تصميمه وإدارته بينما يتفرغ هو لشركة للطاقة الشمسية؛ استحوذ عليها حديثاً في مطلع العام الجاري تُدعى Solarcity والتي تهتم ببيع الطاقة الكهربائية للمستهلكين وفي نفس الوقت تخدم مشروعه للسيارت الكهربائية "تسلا".
وبحسب ما نشرته الغارديان في مايو/أيار من العام الحالي؛ فقد تمّت التجارب المبدئية لهذا المشروع بنجاح باهر.
ما هو الهايبرلووب؟



كما جاء في مُستهلّ الصفحة الإلكترونية للـ هايبرلووب فهي "وسيلة مواصلات جديدة لنقل الناس والبضائع بسرعة الطائرة وسعر تذكرة الباص".

تقوم فكرة الهايبر لووب على كبسولات لنقل الركّاب تَسَعُ الواحدة منها لـ 28 راكباً، وتسير في أنابيب مفرغة جزئياً من الهواء، يُوجد في مُقدّمة كل كبسولة ضواغط للهواءِ -المنخفض الضغط أصلاً - لتشكيل وسادة هوائية حول الكبسولة؛ ثُمّ تُحمل هذه الكبسولات باستخدام مُحركات الحثّ الكهربي ذات الحركة الخطيّة؛ وستتحرك الكبسولة خفيفة الوزن خلالَ مُقاومة هواءٍ (شبه منعدمة) بسرعة تصل إلى 1200 كيلومتر/ساعة! نعم ما قرأته صحيحاً، ستسير بسرعة الصوت! هذا يعني أنّ الكبسولة سوف تسير تقريباً كيلومتراً واحداً كلّ 3 ثوانٍ.



هل هذا ممكن من الناحية الهندسية؟





فكّرة محركات الحثّ المغناطيسي مُستخدمة بالفعل حالياً في القطارات فائقة السرعة التي صُمّمت لتبلغ سرعة قصوى مقدارها 600 كلم/ ساعة لكنّ هذه السرعة محدودة بإمكانيات القضبان الحديدية ومقاومة الهواء وحالة الطقس، لذا يتم تشغيلها بسرعة 320 كم/ساعة فقط!

أما فكرة الوسادات الهوائية فهي أيضا موجودة بالفعل في كراسي التحميل الهوائية التي تُستخدم ككراسي محور في التربينات الكهربائية، والضغط المنخفض للأنابيب يُوفّر الوصول لسرعات عالية، وهو بالضبط ما تنتهجه الطائرات بتحليقها عالياً للوصول لمستويات ضغط منخفض تتيح لها الوصول لسرعات عالية.

ما الجدوى الاقتصادية للهايبر لووب؟

هذا الابتكار الثوري سيوفّر الوقت المُستغرق للتنقل بين المُدن الكٌبرى التي تفصل بينها مسافة 1500 كيلومتر، أمّا للمسافات الأكبر من هذه فستكون طائرات الركاب الأسرع من الصوت أكثر مُناسبة كما يذكر إلون في ورقته البحثية بخصوص الهايبر لووب؛ وباعتماد المشروع كلياً على الطاقة المتجددة، ستُصبح تكلفة المشروع التشغيلية أقل ما يمكن، وهو ما سيجعل تكلفة الرحلة ما بين 20 إلى 30 دولار وهو سعر نسبي مُنخفض للغاية؛ سوف يُدرّ هذا المشروع الدّخل الوفير على الحكومات التي تسعى لتوفير وسائل نقل جماعي منخفضة التكلفة ومدرّة للدخل في نفس الوقت، على عكس وسائل النقل الحالية التي تَصرف عليها الحكومات لتغطية خسائرها؛ فتكلفة المشروع المبدئية تُعتبر عٌشر تكلفة شبكة قطارات لنفس المسافة، ليس هذا وحسب ولكن مع ضمانات أعلى لسلامة الركاب.

ماذا عن ضمانات السلامة؟



أنابيب الهايبرلووب ستكون مرتفعة عن الأرض، لتكون أكثر مرونة في وجه الزلازل ومُصممة بشكل هندسي يسمع بإضافة خطوط جديدة كُلّما دعت الحاجة، دون تعطيل الخطوط القائمة بالفعل؛ الأنابيب معزولة كُليّا عن عوامل الطقس الخارجية، لن تتعطّل رحلتك إذا ساء الطقس، النظام يتم التحكّم في بالكامل بشكل إلكتروني ويُراقب من مهندسين مُرتفعو الكفاءة؛ ستقترب نسبة حدوث الحوادث من الصفر، التوقف المفاجئ لا يشكّل خطراً لأن محركات الحث المغناطيسي الخطيّة، لها قصور ذاتي منخفض مقارنة بمحركات الحث الكهربي الدورانية المُعتادة.

ويمكن الاستزادة عن معلومات السلامة من هذه الورقة البحثية المنشورة على الموقع الرسمي؛ كما أن هذا المقطع -مُتوافر ترجمة فورية للعربية- يلخّص العديد من التساؤلات التي قد تراودك عن الهايبر لووب،  شيئاً فشيئاً يقترب الإنسان من كسر الحواجز الفيزيائية، مع الوقت رُبما نقترب من حاجز سرعة الضوء، وعندئذ سيصبح السفر عبر الزمن واقعاً حقيقياً لا خيالاً. الهايبرلووب يُمثّل نقلة ثورية في عالم المواصلات؛ وبالرغم من أن أولى الدول التي ستطبقها هي إحدى الدول العربية (الإمارات) إلا أن هكذا الاختراع لا يحظى بالتغطية الكافية.

وفي النهاية نتمنى أن يكون التقرير قد نجح في أن يشرح "نظرية الهايبرلوب" ، وأن يساعدك عزيزي القارئ للإجابة بنفسك على أسئلة قد يُوجهها إليك أحدهم عن الهايبرلووب، كيف سيكون أسرع، وأرخص، وأأمن؟

Thursday, November 24, 2016

طب الأعصاب يخدم رغباتنا في الشراء.. هل سمعت من قبل عن التسويق العصبي؟



الموضوع الخامس عشر المنشور لي في الهافنجتون بوست

http://www.huffpostarabi.com/2016/11/23/story_n_13164746.html?utm_hp_ref=ar-technology

هل سمعت من قبل عن التسويق العصبي ؟

القائمين على الحملات التسويقية يعرفون جيداً ماذا نحتاج، يراقبون ويحللّون أنماط شراءنا، ولكنهم لا يعرفون إجابة على سؤال أهم؛ وهو لماذا نشتري؟ ذلك لأنّهم خُبراء فيما نحتاج لا فيما نُريد.
ما هو التسويق العصبي؟



التسويق العصبي هو استخدام أساليب طبّ الأعصاب في قياس رغبات المُستهلكين الحقيقة عن طريق تحديد مواطِن الرغبة بدقّة، وذلك عن طريق استقبال بيانات رسم المخ من مستقبلاتٍ عصبية، ومن ثمّ تحليل هذه البيانات للحصول على رؤيةٍ واضحة لرغبات المستهلكين.

على سبيل المثال، تزيد شركات تصنيع العصائر من إنتاجها في شهورِ الصيف، بالطبع تتنافس هذه الشركات فيما بينها لتقديم أحجام وأشكال جذابة للعبوات، ولكنّها لا تعرف لماذا يفضّل بعض المستهلكين الأناناس مثلاً بينما يقل طلبهم على المانجو؟ قد يبدو هذا الطّرح بعيداً عن اهتمام الشخص العادي، لكن تخيّل أنك صاحب إحدى هذه الشركات وقد جاءك أحد العلماء بدراسة مؤكّدة تخبرك متى وكيف تبيع منتجك لإرضاء المستهلكين، تخيّل قيمة معلومةٍ مماثلة لرجلِ صناعة أصبح يعرف بالضبط ماذا عليه أن ينتج ، وبأي كمية، لتحقيق أعلى ربح مضمون؟!

في دماغك، من يضغط زرَّ الشراء ؟


التسويق العصبي هو الاستغلال المباشر للتطور الرهيب الذي شهده علم الأعصاب في العقود الأخيرة في ظل الإمكانيات الرهيبة التي أصبح يقدمها علم التسويق، فالتسويق العصبي يستهدف بشكل مباشر كيف نتّخذ قرارات الشراء.

التسويق العصبي يساعد أصحاب الحملات التسويقية لإرسال رسائل مباشرة للمستهلكين لمراكز الوعي والإدراك الحسّي في الدماغ لديهم، هذه الرسائل ستترك عند هؤلاء المستهلكين انطباعاً يلاحظونه، ويفهمونه، ويذكرونه بشكل واضح، وبشكلٍ أفضلُ بكثيرٍ من الحملات التقليدية التي تُجرى باستخدام علم التسويق التقليدي.




"باتريك رونفوازيه - Patrick Renvoisé" أحد أشهر روّاد "التسويق العصبي" ومؤسس شركة "sales brain" المعنيّة بوضع حملات تسويقية مُبتكرة تستخدم أفكار ومبادئ التسويق العصبي.

"باتريك" اكتشف ما يُدعى "زرُّ الشراء" وقد أمضى جُلّ عُمُرِهِ معتكفاً على وضع نظريات وأبحاث لمحاولة الوصول لتأكيدات علمية على وجود هذا "الزرّ"، شركات مثل كوكا كولا وبيبسي قد تدفع المليارات فقط لتجعلك تختار منتجها دوناً عن منتج المنافس، صانعوا الأفلام الذين أنفقوا الملايين على أفلامهم يريدون أن يستردوها بلايين عن طريق جذب الجمهور لصناعة شديدة التنافسية والإبهار كصناعة الأفلام، يريد هؤلاء المخرجون والمنتجون مَن يضمن لهم دُخول الفيلم بمجرد عرض البرومو أو "العرض التشويقي".

حتى السياسيين لن يدّخروا جهداً أو مالاً لصنع حملات دعائية مبتكرة لجذب مرشح واحدٍ إضافي قد يرجّح صوته الكفة ضد المرشّح المنافس، وهو تم استخدامه في حملة الترشّح الرئاسية في الانتخابات الأمريكية الأخيرة كما سيأتي لاحقاً.

الجميع يبحث عن إجابات لأسئلته في دماغك أنت، فكيف يتمّ ذلك ؟



في هذا المقطع من مؤتمر"TEDxBend" يقدم "باتريك" نبذة عن التسويق العصبي مع ذكر أمثلة لما هو قادر على فعله. (متوافر ترجمة بالعربيّة في خيارات المقطع على يوتيوب)

https://www.youtube.com/watch?v=_rKceOe-Jr0&feature=youtu.be

يُعرّف "باتريك" في هذا المقطع علم التسويق العصبي بأنه:" (علم اختيار) يعتمد على القياسات العصبية، والحيوية، والقياس النفسي لفهم السلوك الإنساني في كيفية اتخاذ القرار".

بشكلٍ مُبسّط يخبرنا "باتريك" عن أساليب تحليل السلوك الإنساني الذي يحكم عملية الاختيار؛ مثل: "اختبار تحليل تعبيرات الوجه"، و"اختبار تتبع العين" و"اختبار التحليل الصوتي" بل ويتعدى ذلك لاستخدام "اختبار كشف الكذب" وتحليل الـ"EEG" وهي اختصار لـ (electroencephalography) وهو ما يُعرف بـ"فحص التخطيط الكهربي للدماغ".

ويُستخدم أيضاً نوعاً متقدما من "اختبارات الرنين المغناطيسي الوظيفي للدماغ" والتي تُعرف اختصاراً بالـ "fMRI".

ثم يقدّم "باتريك" العديد من الأمثلة اللّطيفة والممتعة لبعض أمثلة لحملات تسويقية ودعائية ناجحة وجذّابة؛ ويبين كيف استهدف هؤلاء المعلنون "مخ الزواحف" لدينا، فدماغُنا تتكون من ثلاث أقسام رئيسية للمخ كل قسم يهتم بعمليات معينة، بينما "مُخ الزواحف" لدينا هو هذا الجزء من الدماغ المشابه لما تمتلكه الزواحف وهم يتحكم بالعمليات اللاإرادية في وظائف الإنسان كالتنفس والهضم، هذا المُخ لم يتطور منذ ملايين السنين عند الزواحف على خلاف ما حصل للإنسان والقِردة العُليا.

كيف استغلّ السياسيّون التسويق العصبي في حملاتهم؟


وفقا لهذه الدراسة فإنّ خُبراء التسويق العصبي قد أشاروا إلى أنّ التصويتات واستطلاعات الرأي التي أُجريت في السنوات السابقة كانت معيبة إلى حد كبير، ذلك لأن الناس لا يستطيعون التنبؤ بإجابات مستقبلية عن أسئلة تبدأ بـ "لماذا؟"، حتى بإجراء الاختبارات العصبية الشائعة فغالبا ما تأتي النتائج متضاربة.

حتى على مستوى التلقّي "فرُسومات المخّ" تُظهر أن النّاس يميلون إلى الخطابات المختصرة والموفّرة للطاقة حتى وإن كانت غير عقلانية ، فمثلا في إستراتيجية "هيلاري" تجاه المهاجرين كانت قائمة من 9 نقاط فعّالة ومنطقية ولكن طويلة ، بينما قدّم ترامب استراتيجية قصيرة الكلمات "سأبني جداراً"؛ هذه الكلمات وإن كانت تبدو للبعض غير أخلاقية أو غير منطقية إلا أنها أثّرت كثيراً في"لا وعي" الناخبين وفقاً لاستطلاعات رأي أُجريت لأصحاب الأصوات المتأرجحة من قبل مجلة النيويورك تايمز التي أجرت تعديلات على معادلات منحنياتها الإحصائية لتعطي نتائج أكثر دقة.

التسويق العصبي حلّال المشاكل الدعائية


في مقالٍ نُشِر في جريدة "فوربز" الاقتصادية، فإنّ شَركة "Karmarkar" أعطت مثالاً جيداً لحلّ مشاكل الشركات الكُبرى عن طريق أساليب التسويق العصبي، وذلك بأن كلّفتها شركة "فريتو-لاي" بإجراء دراسة لقياس تقبّل المستهلكين منتجهم الشهير والأكثر مبيعاً "تشيتوس"، وجاء رد فعل المستهلكين بأنّه وبرغم أنّ أكل "التشيتوس" يجعل أصابعهم بُرتقالية من تأثير بقايا مسحوق الجُبن المُغَلّفة لأصابع "تشيتوس" إلا أن هذا لا يُفقدهم متعة "الطعم والقرمشة"، خَلُصَت هذه الدراسة التي تضمنّت إجراء "اختبارات لمسح المخ بالموجات الكهرومغناطيسية"، و"اختبارات الرنين المغناطيسي الوظيفي" أنّ "العَبَث" الذي يطال أيدي المستهلكين هو ما يجعل هذا المُنتج مرغوباً أكثر، وبناءاً على هذه الدراسة قدّمت شركة فريتو-لاي منتجها "تشيتوس" في سلسلة إعلانات تلفزيونية لا تتجاوز مدتها 30 ثانية، تشجّع المستهلكين على ارتكاب أفعال "عبثيّة" بالمُنتج [مثل هذا الإعلان الذي يُظهر (تشيستر شيتا) الشخصية الأيقونية لمنتج الـ"شيتوس" يُشجع راكبة من الطائرة بادخال اصبعي شيتوس في فتحتي أنف أحد الركّاب بجوارها والذي يعلو صوتُ شخيرِهِ أثناء النوم، بينما يقوم بتدليك رقبة المضيفة ويعطيها بعض الراحة، وهكذا تُحل المشكلة ويرتاح الجميع].

https://www.youtube.com/watch?v=YZadMlXFuao

حصل هذا الإعلان على جائزة "Grand Ogilvy Award" للعام 2009 في مجال الدعاية والإعلان.

لا تتعجل فلا يزال البحث جارياً


"أنا عالمة أعصاب، وأقوم بدراسة صنع القرار. أقومُ بتجاربَ لاختبار مختلف المواد الكيميائية في دماغنا والتي تؤثر على قراراتنا التي نصنعها؛أنا هنا لأخبركم سر صناعة القرارت الناجحة: شطيرة الجبن. نعم هذا صحيح، بالنسبة للعلماء، شطيرة جبن هي الحل لكافة قرارتنا الصعبة؛ كيف أعرف ذلك؟ أنا العالمة التي قمت بالدراسة!"

هكذا افتتحت "مولي كروكيت" حديثها في مؤتمر TEDx؛ في هذا المقطع -مُترجم للعربية- تتحدث "مولي" عن نوع من المشروبات يُدعى "نيورو بانك" وتبيّن بالشرح أن فوائد هذه المشروبات المعززة للأعصاب هذه غير مُثبتة علمياً؛ تتحدث "مولي" عن هذه النقطة تحديداً في تطبيقات علم الأعصاب وأن هذه الأمور الدعائية قد تؤثر على مصداقية الأبحاث في المستقبل؛ "مولي" تشرح قصور تفسير بيانات علم الأعصاب، و لماذا يجب أن نكون أكثر وعياً بها.

وتُضيف مولي:"قبل سنوات قليلة، كنا أنا وزملائي مُهتمين بكيفية تأثير مادة كيميائية في الدماغ تدعى (سيروتونين) يمكن لها أن تؤثر على قرارات الناس في المواقف الاجتماعية تحديداً، أردنا أن نعلم كيف يمكن أن يؤثر (السيروتونين) على الطريقة التي يتصرف بها الناس حين يتم معاملتهم بطريقة غير عادلة؛ لذلك قمنا بالتجربة تلاعبنا في مستويات السيروتونين بإعطائهم شراب صناعي كريه الطعم بنكهة الليمون و الذي يقوم بعملية سحب المادّة الرئيسية المكونة للسيروتونين في الدماغ وهو الحمض الأميني (التربتوفان) و بالتالي وجدنا أنّه عند انخفاض (التربتوفان) الناس يصبحون أكثر عُرضة للانتقام عندما يُعاملون بشكل غير عادل ، هذه هي الدراسة التي أجريناها، و هذه بعض العناوين الرئيسية التي صدرت بعد ذلك:

(شطيرة الجبن هي كل ما تحتاجه لإتخاذ القرار الصحيح)

( إن الجبنة هي صديقتنا)

(تناول الجبن و اللحم قد يعزّز القدرة على التحكّم في الذات) في هذه المرحلة ، قد تتسائلون ، هل فات عليّ شيء؟
(رسمياً! الشوكولاته تقلل من ثورات غضبك) جُبنة؟ شوكولاته؟ من اين أتى هذا الكلام؟ و أنا أيضاً فكرت بنفس الطريقة عندما ظهرت هذه العناوين لأن دراستنا لم يكن لها أي علاقة بالجُبن أو الشوكولاتة فقط اعطينا الناس هذا الشراب كريه الطعم و الذي أثّر على مستوى (التربتوفان) لديهم و لكن اتضح ان التربتوفان ايضا يتواجد في الجبن والشوكولاتة و طبعا عندما يقول العلم أن الجبن والشوكولاتة يمكن أن تجعلنا نتخذ قرارات صائبة، اذاً سوف يستدعي هذا انتباه الناس".

بالطبع فإن التسويق العصبي أحد أساليب الدعاية المُثبت كفاءتها، وإن لم يُمكن الجَزم بعد بأنّه أفضلها الإطلاق، ولكن في النّهاية، يأتي دورُك أنت عزيزي القاريء أن تتفحص جيداً ما يُقدم لك من معلومات، اسأل عن الجُزء الغير مُروَى من القِصّة،استمّع جيّداً واطلب الأدلة والإثباتات، الإجابة رُبما لن تكون بسيطة دائماً، فأدمِغتُنا أيضاً ليست بهذه البساطة.

Monday, November 7, 2016

Friday, November 4, 2016

المرحاض.. أفضل اختراع في العصر الحديث.. هذه مراحل تطوره عبر التاريخ

التقرير الأول المنشور لي في الهافنجتون بوست عربي 

http://www.huffpostarabi.com/2016/10/19/story_n_12520116.html?utm_hp_ref=mnwat

في 2050.. مدارس بلا فصول ونظام تعليمي يعتمد على اللعب!

التقرير الثاني المنشور في الهافنجتون بوست 

حارب العنصرية ضد المسلمين وكافح لاستقلال بلاده.. ماذا تعرف عن حياة علي عزت بيغوفيتش؟

التقرير الثالث المنشور في الهافنجتون بوست
http://www.huffpostarabi.com/2016/10/25/story_n_12635776.html?utm_hp_ref=mnwat

من "صرخة الموتى" إلى "همسات هتلر" وحتى الموسيقى..الصوت سلاحٍ "مخيف" في الحروب

التقرير الرابع المنشور لي في الهافنجتون بوست 
http://www.huffpostarabi.com/2016/10/29/story_n_12702918.html?utm_hp_ref=mnwat

حلم أنه يُطعن فاخترع ماكينة الخياطة.. "أضغاث أحلام" تحوَّلت إلى اكتشافات هامة

التقرير الخامس المنشور لي في الهافنجتون بوست عربي