Tuesday, November 29, 2016

بسرعة الطائرة وسعر تذكرة الباص.. هل سيصبح "الهايبرلووب" وسيلتنا للسفر عبر الزمن؟

الموضوع السادس عشر المنشور لي ف يالهافنجتون بوست (نُشر في 2016)





هل يكون "الهايبرلووب" المنتظر خطوة نحو السفر عبر الزمن؟
في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني المُنصرم أعلنت وكالات الأنباء عن توقيع مذكّرة تفاهم بين شركة هايبرلووب. ركّزت كل الأخبار على حقيقة أن القطار الجديد سوف يسير بسرعةٍ فائقةٍ وينقل الركّاب من دبي إلى "أبوظبي" في 12 دقيقة ومن دبي إلى الرياض في 48 دقيقة فقط! ولكن هل هذا كل ما في الأمر؟ هل يكون "الهايبرلووب" مجرّد قطار آخر سريع؟
دعونا نبدأ من هذا التساؤل؛ ماذا لو كان المستقبل هو الآن؟ ماذا لو أننا الآن نشهد أوان بدءِ المستقبل؛ ذلك الذي كنّا نراه في الأفلام ونظنّه مستحيلاً، أو محضُ خيالٍ عِلميّ؟
حتى مطلع القرن الثامن عشر كانت وسيلة التنقلات المنتشرة هي العربة التي تجرّها الخيول، كان التنقّل بالعربة التي تجرّها الأحصنة حلم يراود الكثيرين من المُرتحلين الحفاة، أو أولئك الماسافرون مَن قَصمت الدوابُّ ظهورهم على. كانت سرعة تلك العربة لا تتعدى 0.01% من سرعة الصوت. وبالطبع كانت تلك العربات تتوقف تماماً في أوقات المطر أو الرياح الشديدة، على أية حال كان هذا الجيل الأول من وسائل النقل الجماعي.

عاجلاً تطوّرت وسائل النقل الجماعي، أصبح لدينا القِطارات والطّائرات والسُفُن، حتى بلغنا اليوم قُرابة الـ 80% من سرعة الصوت وهي تتمثل في السرعة القصوى لطائرات البوينج (الجامبو) التي تُمَثّلُ بدورها الجيل الرابع من وسائل النقل الجماعي؛ إن كنت تجد صعوبة في تصديق ذلك الآن؛ فهي نفس الصعوبة التي ستجدها بنفسك إذا أردت أن تُقنع جدّك في بداية القرن التاسع عشر وهو يُحاول تخليص عجلات عربته من الوحل، بأنه غداً سيصبح هناك وسيلة تنقّل تطير في الجو وتنقل على الأقل مائتي وخمسون فرداً!
إلون ماسك ..الرائد



لا يكتمل الحديث عن الهايبرلووب قبل أن نتناول بالذكر هذا العبقريّ "إلون ماسك"؛ تعلّم إلون البرمجة بنفسه وخلال مراحل كثيرة من حياته أسس العديد من الأعمال والمشاريع التي كان يستغل دخلها في بدء مشاريع أُخرى، حتى لمع نجم إلون ماسك في العام 2002 حين اشترت منه ebay -عملاق التسوق الإلكتروني- موقعه Pay pal لخدمات نقل الأموال والتعاملات المالية، كعادته أخذ إلون مبلغ 1.5 بليون دولار من صفقة "إيباي" وأودعهما في مشروعه الثوري spaceX هذا المشروع كان يهتم في وقت مبكّر جدا بسياحة الفضاء، وكان الغرض الأساسي هو توفير رحلات صاروخية ذات تكلفة منخفضة نسبياً وذلك عن طريق إعادة استخدام الصاروخ أكثر من مرة، كما الحال في الطائرة، بدلاً من فقده في الفضاء الخارجي كما جرت العادة، بالطبع نجح إلون في تسويق فكرته لدى ناسا، التي أعطته تمويلاً ذو مبلغ ضخم لتتولى "سبيس إكس" رحلات تزويد المحطة الدولية الفضائية بالمُؤن بدلا عنها.

إستخدم "إلون" أموال العقد المُبرم مع ناسا ليُنشئ شركة TESLA لتصنيع السيّارات الكهربائية، والتي أصبحت اليوم على مشارف منافسة السيارات التقليدية ذات محرك الاحتراق الداخلي والمُعتمدة على الوقود الأُحفوري؛ بتطوير مستمر، وتصميمات ثورية جديدة أصبحت سيارات تسلا واقعاً ملموساً حيث تخطت مبيعات هذه السيّارة حاجز ال 14000 سيارة بعد مرور ثلاث أشهر فقط من العام الجاري بمبيعات تجاوزت الـ 45% عن العام السابق.

وفي عام 2015 أعلن "إلون" عن نقلة ثورية في عالم النقل الجماعي بإعلانه عن مشروع الـ"هايبرلووب" الذي أودعه لشركات متخصصة (وفِرق تصميم تتنافس فيما بينها) تتولى تصميمه وإدارته بينما يتفرغ هو لشركة للطاقة الشمسية؛ استحوذ عليها حديثاً في مطلع العام الجاري تُدعى Solarcity والتي تهتم ببيع الطاقة الكهربائية للمستهلكين وفي نفس الوقت تخدم مشروعه للسيارت الكهربائية "تسلا".
وبحسب ما نشرته الغارديان في مايو/أيار من العام الحالي؛ فقد تمّت التجارب المبدئية لهذا المشروع بنجاح باهر.
ما هو الهايبرلووب؟



كما جاء في مُستهلّ الصفحة الإلكترونية للـ هايبرلووب فهي "وسيلة مواصلات جديدة لنقل الناس والبضائع بسرعة الطائرة وسعر تذكرة الباص".

تقوم فكرة الهايبر لووب على كبسولات لنقل الركّاب تَسَعُ الواحدة منها لـ 28 راكباً، وتسير في أنابيب مفرغة جزئياً من الهواء، يُوجد في مُقدّمة كل كبسولة ضواغط للهواءِ -المنخفض الضغط أصلاً - لتشكيل وسادة هوائية حول الكبسولة؛ ثُمّ تُحمل هذه الكبسولات باستخدام مُحركات الحثّ الكهربي ذات الحركة الخطيّة؛ وستتحرك الكبسولة خفيفة الوزن خلالَ مُقاومة هواءٍ (شبه منعدمة) بسرعة تصل إلى 1200 كيلومتر/ساعة! نعم ما قرأته صحيحاً، ستسير بسرعة الصوت! هذا يعني أنّ الكبسولة سوف تسير تقريباً كيلومتراً واحداً كلّ 3 ثوانٍ.



هل هذا ممكن من الناحية الهندسية؟





فكّرة محركات الحثّ المغناطيسي مُستخدمة بالفعل حالياً في القطارات فائقة السرعة التي صُمّمت لتبلغ سرعة قصوى مقدارها 600 كلم/ ساعة لكنّ هذه السرعة محدودة بإمكانيات القضبان الحديدية ومقاومة الهواء وحالة الطقس، لذا يتم تشغيلها بسرعة 320 كم/ساعة فقط!

أما فكرة الوسادات الهوائية فهي أيضا موجودة بالفعل في كراسي التحميل الهوائية التي تُستخدم ككراسي محور في التربينات الكهربائية، والضغط المنخفض للأنابيب يُوفّر الوصول لسرعات عالية، وهو بالضبط ما تنتهجه الطائرات بتحليقها عالياً للوصول لمستويات ضغط منخفض تتيح لها الوصول لسرعات عالية.

ما الجدوى الاقتصادية للهايبر لووب؟

هذا الابتكار الثوري سيوفّر الوقت المُستغرق للتنقل بين المُدن الكٌبرى التي تفصل بينها مسافة 1500 كيلومتر، أمّا للمسافات الأكبر من هذه فستكون طائرات الركاب الأسرع من الصوت أكثر مُناسبة كما يذكر إلون في ورقته البحثية بخصوص الهايبر لووب؛ وباعتماد المشروع كلياً على الطاقة المتجددة، ستُصبح تكلفة المشروع التشغيلية أقل ما يمكن، وهو ما سيجعل تكلفة الرحلة ما بين 20 إلى 30 دولار وهو سعر نسبي مُنخفض للغاية؛ سوف يُدرّ هذا المشروع الدّخل الوفير على الحكومات التي تسعى لتوفير وسائل نقل جماعي منخفضة التكلفة ومدرّة للدخل في نفس الوقت، على عكس وسائل النقل الحالية التي تَصرف عليها الحكومات لتغطية خسائرها؛ فتكلفة المشروع المبدئية تُعتبر عٌشر تكلفة شبكة قطارات لنفس المسافة، ليس هذا وحسب ولكن مع ضمانات أعلى لسلامة الركاب.

ماذا عن ضمانات السلامة؟



أنابيب الهايبرلووب ستكون مرتفعة عن الأرض، لتكون أكثر مرونة في وجه الزلازل ومُصممة بشكل هندسي يسمع بإضافة خطوط جديدة كُلّما دعت الحاجة، دون تعطيل الخطوط القائمة بالفعل؛ الأنابيب معزولة كُليّا عن عوامل الطقس الخارجية، لن تتعطّل رحلتك إذا ساء الطقس، النظام يتم التحكّم في بالكامل بشكل إلكتروني ويُراقب من مهندسين مُرتفعو الكفاءة؛ ستقترب نسبة حدوث الحوادث من الصفر، التوقف المفاجئ لا يشكّل خطراً لأن محركات الحث المغناطيسي الخطيّة، لها قصور ذاتي منخفض مقارنة بمحركات الحث الكهربي الدورانية المُعتادة.

ويمكن الاستزادة عن معلومات السلامة من هذه الورقة البحثية المنشورة على الموقع الرسمي؛ كما أن هذا المقطع -مُتوافر ترجمة فورية للعربية- يلخّص العديد من التساؤلات التي قد تراودك عن الهايبر لووب،  شيئاً فشيئاً يقترب الإنسان من كسر الحواجز الفيزيائية، مع الوقت رُبما نقترب من حاجز سرعة الضوء، وعندئذ سيصبح السفر عبر الزمن واقعاً حقيقياً لا خيالاً. الهايبرلووب يُمثّل نقلة ثورية في عالم المواصلات؛ وبالرغم من أن أولى الدول التي ستطبقها هي إحدى الدول العربية (الإمارات) إلا أن هكذا الاختراع لا يحظى بالتغطية الكافية.

وفي النهاية نتمنى أن يكون التقرير قد نجح في أن يشرح "نظرية الهايبرلوب" ، وأن يساعدك عزيزي القارئ للإجابة بنفسك على أسئلة قد يُوجهها إليك أحدهم عن الهايبرلووب، كيف سيكون أسرع، وأرخص، وأأمن؟

No comments: